قصة بعد وفاة زوجتي، طردتُ ابنتها
أن الفتاة أمامي… ليست دمي، لكنها كانت وستظل لحم روحي.وفي السنوات التي تلت ذلك، تغيّر عالمي كله بطريقة لم أتوقعها. خرجت ليلي من المستشفى بعد أسابيع طويلة من العلاج، وكان كل يوم معها يشبه إعادة بناء منزل تهدّم بالكامل. عدنا نتعلم التحدث بلا خوف، والضحك بلا حساب، والبكاء بلا خجل. كنت أرافقها لكل مواعيدها، وأحضر جلسات العلاج، وأتعلم كيف أكون أبًا للمرة الأولى… بشكل صحيح هذه المرة. لم يعد يهمني إن كانت تشبهني أو تحمل جيناتي، فقد كانت تشبه قلبي الذي فقدته يومًا ووجدته من جديد.
كانت تخبرني شيئًا إضافيًا كل أسبوع: عن السنوات التي قضتها في الملاجئ، والأعمال البسيطة التي عملت بها، وكيف حاولت أن تبحث عني قبل أن تستسلم. لم أكن أعرف ماذا يؤلمني أكثر… قصتها أم جهلي. لكن كلما تقدمت الأيام، كانت المسافة بين الماضي والمستقبل تضيق، وتحل مكانها حياة جديدة كُتب لنا أن نعيشها. كنت أجلس أحيانًا أمام مذكّرات لورَا التي كنت قد مزقتها جزئيًا، وأعيد قراءتها بعيون أخرى. لم تعد كلماتها تخونني… بل تشرح لي خوفها، وأخطائي، ومحاولتها أن تحب بطريقتها الناقصة.
وفي إحدى الأمسيات، كنا نجلس على الشرفة نراقب الغروب، فالتفتت ليلي إليّ وقالت بابتسامة دافئة: “أتعرف يا أبي؟… لم أكن بحاجة إلى أب يشبهني… كنت بحاجة لأب يبقى.” عندها فقط شعرت أن السنوات العشر الماضية، بكل ألمها وندمها، انتهت. ليس لأنني استحق الغفران، بل لأنها منحته لي رغم كل شيء. أمسكت يدها، ونظرت إلى آخر خيط من نور الشمس، وعرفت أن الدم ليس هو ما يصنع العائلة… بل القدرة على البدء من جديد، مهما تأخر الوقت.

تعليقات