قصة الطفلة اللى قالت له: هسدّ لك لما أكبر

قصة الطفلة اللى قالت له: هسدّ لك لما أكبر

كان النهار بيوَدّع آخر خيط من ضيه، وشوارع شيكاغو مليانة دوشة بس بردها كان قاسي على قلوب الغلابة. الناس ماشية بسرعة، كل واحد غرقان في دوامة حياته ولا شايف غير نفسه. قدّام باب سوبرماركت صغير، بنت صغيرة قاعدة على السلم وبتحضن طفل رضيع عيطه بيوجع القلب. هدومها مبقّعة ومقطعة، شعرها ملزّق من التراب، بس عينيها فيها قوة غريبة، خوف وكرامة في نفس اللحظة.

رفعت رأسها لما شافت راجل لابس بدلة غالية جدًا، خطواته واثقة ونظراته جامدة كأنها مابتلينش. كل الناس عرفوه فورًا… توماس ريد، أشهر مليونير في المدينة، واللي دايمًا بيتقال عنه “ملوش قلب”. البنت نادته بصوت مهزوز لكنه صادق:
“من فضلك يا بيه… البيبي جعان. عايزين علبة لبن… هسدّ لك لما أكبر، أوعدك.”
الراجل وقف يبصلها كأنه بيحاول يفهم ازاي طفلة بتوعده بدين! بس عينيها واجهته بقوة خلت حاجة قديمة جواه تتحرك، حاجة كان فاكرها ماتت من زمان.

سألها: “فين أهلك؟”
سكتت شوية وقالت: “راحوا… ومفيش غيري أنا وهو.”
الكلمة كسرت جوّه حتة ما لمسهاش حد من سنين. قرب منها، نزل على ركبته، وبص في عينيها كويس… وشاف نفسه وهو صغير، تايه وجعان ومستني رحمة العالم. فجأة وقف، وبص للكاشير وقال بصوت مسموع:
“هات كل اللي محتاجاه. كله على حسابي.”
الناس اتصدمت… ده مش توماس اللي يعرفوه.
البنت أخدت الكيس وبصت له بابتسامة خجولة وقالت:
“هسدّ لك لما أكبر، أوعدك.”
ابتسم ابتسامة صغيرة جدًا وقال: “إنتِ سددتِ خلاص.”

في الصفحة الثانية… لحظة غريبة هتفتح باب ما كانش في الحسبان