قصة كان رجلاً ثريًا تظاهر بالنوم وبجانبه ذهب

قصة كان رجلاً ثريًا تظاهر بالنوم وبجانبه ذهب

بعد أيام قليلة، لاحظ الرجل أن الفتاة تختفي كل مساء لمدة ساعة تقريبًا بعد انتهائها من العمل. كان بإمكانه تجاهل الأمر، لكن فضوله—الذي تحول مؤخرًا إلى اهتمام مبهم—بدأ يدفعه للتساؤل. وفي إحدى الليالي، تبعها من بعيد دون أن تشعر. كان الطريق المؤدي لخروج القصر مظلمًا، والهواء يحمل رائحة شتاء قادم. رأى الفتاة تدخل إلى منطقة قديمة خلف السور، حيث توجد غرفة صغيرة شبه مهجورة تستخدمها الخدم في وقت الاستراحة. لكنه لم يكن مستعدًا لما رآه حين اقترب أكثر.

كانت تجلس بالقرب من مصباح صغير، وأمامها أطفال صغار من أبناء الخدم، نحيفون وملابسهم قديمة. كانت تحكي لهم قصصًا وتشجعهم على الدراسة، وتعطيهم من راتبها الضعيف أقلامًا ودفاتر اشترتها من السوق الشعبي. لم تكن تريد أحدًا أن يراها، ولم تكن تنتظر أي مقابل، كانت فقط تؤمن أن الخير لا يحتاج إلى مال… بل إلى قلب. وقف الرجل خلف الشجرة يستمع، وشعر بدمعة تحرق عينيه، دمعة لم يعرفها منذ وفاة زوجته قبل سنوات طويلة. كانت اللحظة التي أدرك فيها أن اختبار الأمانة لم يكن سوى بداية اكتشاف لإنسانة نادرة.

حين عادت الفتاة للقصر، سبقها الرجل إلى الداخل كي لا تلفت انتباهها، لكنه لم يستطع النوم تلك الليلة. بقي مستيقظًا يحدّق في سقف غرفته، بينما ذكرياتها تتقاطر أمامه مثل ضوء صغير يخترق الظلام. شعر بالندم لأنه اختبرها، وشعر بالخجل لأنه ظن أنها ستسرق، وشعر بتغير داخلي لا يعلم إن كان سيعرف نهايته. لقد رأى في الفتاة شيئًا لم يعد يراه في البشر حوله… رأى الطيبة ببساطتها الأولى، قبل أن يلوثها العالم بالمساومات.

وفي صباح اليوم التالي، اتخذ قرارًا لم يتخذه طوال حياته. دخل غرفة الخدم حيث تنام أم الفتاة وناولها ظرفًا مغلقًا يحتوي على مبلغ يكفي لعلاجها أشهرًا طويلة. وعندما حاولت الأم أن تشكره وهي تبكي، رفع يده بلطف وقال: «هذا ليس فضلًا… هذا دين.» لم تفهم قصده، لكنه كان يعرف جيدًا ما يعنيه: دين لضمير كان غافلًا، ودين لفتاة أعادت إليه جزءًا من الإنسان الذي فقده خلف المال. كان يعلم أن ما سيقوله لها قريبًا سيغيّر حياتها… وحياته هو أيضًا. وفي تلك اللحظة فقط… أدرك الملياردير أنه لم يكن يختبر الفتاة تلك الليلة.
كان القدر يختبره هو.