قصة نشأتُ مع عمٍّ لم يردني يومًا في بيته
لم يمضِ وقت طويل حتى وصلت إدارة المدرسة إلى باب بيت عمّي بعد بلاغ من السيدة أماكا، لكنه كان أسرع منهم. أخبر الجيران أنني طفل متمرّد ومختلّ، وأنني أخترع الأكاذيب لأجذب الانتباه. وعندما دخلت الموظفة الاجتماعية إلى البيت، قدّم لها شايًا، وارتدى قناع الرجل المكسور الذي يحاول رعاية قريبٍ ضالّ. وقفت خلفه أشعر بمرارة لا توصف، لأنني كنت أعلم أنّ كل كلمة ينطقها ستتحول في نظرهم إلى حقيقة، بينما حقيقتي تختنق في صدري دون صوت.
لكن الموظفة الاجتماعية لم تكن ساذجة كما ظنّ. لاحظت آثار الكدمات التي حاولت إخفاءها، ولاحظت ارتعاش كتفي كلما اقترب عمّي مني خطوة واحدة. سحبتني جانبًا وسألتني بلطف عمّا يحدث، ولم أتفوّه بكلمة. كنت خائفًا من أن أقول أي شيء يعيدني إلى تلك الجدران الباردة. لكن عينيّ قالتا ما لم يستطع لساني أن ينطق به، وهنا تغيّر تعبير وجهها تمامًا، كأن الحقيقة وصلتها بلا حاجة لاعتراف. كتبت شيئًا في دفترها، وأخبرت عمّي أنّها ستعود لاحقًا.
ذلك المساء، ارتسم على وجه عمّي غضبٌ لم أرَ مثله من قبل. اتهمني بأنني أحاول تدمير عائلته، وأنني ناكر للجميل، وأنني أستحق الشارع وليس بيتًا يأويني. حاولت أن أشرح، لكن الكلمات اختنقت في حلقي، وكنت أدرك أنّ أي دفاع لن يوقف الانفجار. وفي لحظة غضب، دفعني بقوة فسقطت على الأرض، وشعرت بألم يضرب ظهري كما لو كانت الأيام كلها تنتقم دفعة واحدة. عدت إلى غرفتي الضيقة، أرتجف، وأدركت أنّ شيئًا كبيرًا قادم.
وفي اليوم التالي، حدث ما لم أتوقعه أبدًا. جاءت السيارة الحكومية، ومعها الموظفة الاجتماعية واثنان من عناصر الشرطة. لم يصرخ أحد، ولم يتجادل أحد، ولم يسمحوا لعمّي أن يختبئ خلف ابتسامته الزائفة. طلبوا منه أن يبتعد عني، ثم قالوا لي بلطف أن أحزم شيئًا من ملابسي. لم أكن أعرف إلى أين سأذهب، ولا ما ينتظرني، لكنني كنت أعلم يقينًا أنّ الباب الذي أغلق خلفي يومها كان آخر باب للعذاب. وبينما غادرت، رأيت عمّي يقف في المدخل عاجزًا، للمرة الأولى بدا خائفًا… ليس من القانون، بل من فقدان الشخص الذي ظنّه ضعيفًا إلى الأبد.
في الصفحة التالية ستبدأ المرحلة التي لم أتخيلها والتي غيّرت حياتي بالكامل ستعرفون من هو الشخص الذي انتظرني خلف ذلك الباب الجديد…

تعليقات