طالبة تمريض خجولة تغيبت عن الامتحان

طالبة تمريض خجولة تغيبت عن الامتحان

كانت الساعات التي سبقت امتحان الساعة الثالثة تمر ببطء شديد، وكأن الزمن يتحرك بحذر حول لايا حتى لا يربكها أكثر مما هي مرتبكة. حاولت التركيز على مراجعة ما تستطيع، لكن الكلمات كانت تذوب أمامها مثل الحبر تحت المطر. كلما أغلقت الكتاب، كانت ترى رسالة الرجل أمامها، وكأنها تعيد تشكيل أفكارها بالكامل. كانت تعرف أنها لم تنقذ امرأة عادية، لكنها لم تكن تتوقع أن يكون لتلك المرأة تأثير بهذا الحجم على مستقبل شركة كاملة. ومع ذلك، بقي جزء منها يتساءل: لماذا يشعر آرثر كولينز وكأنه مدين لها بهذا الشكل الهائل؟

وفي أثناء تجهيزها للذهاب إلى الامتحان، سمعت طرقًا خفيفًا هذه المرة على الباب، ففتحت لتجد فتاة شابة ترتدي معطفًا طبيًا وتحمل بطاقة تعريف hospital staff. قالت بنبرة مترددة قليلاً: “أنا ليزا… ابنة السيدة التي أنقذتِها بالأمس.” تجمدت لايا للحظة، ثم سمحت لها بالدخول. بدت ليزا مرهقة، لكن في عينيها امتنان واضح يشبه الامتنان الذي حمله والدها. جلست الفتاة وقالت إنها أصرت على رؤية لايا بنفسها قبل أن تخضع للساعات الفاصلة عن امتحانها. ثم أضافت شيئًا جعل لايا تعود للجلوس ببطء وكأن ركبتيها لم تعودا تملكان القوة.

قالت ليزا إن والدتها لم تكن مجرد زوجة مدير تنفيذي، بل كانت أيضًا الرئيسة المشاركة في مشروع بحثي ضخم يخص تطوير بروتوكولات الطوارئ في المستشفيات. مشروع كانت عليه أعين الصحافة والمسؤولين، وكان من المفترض أن تعلن نتائجه خلال أيام. لو لم تصل لايا في تلك الدقائق الحاسمة… لكان المشروع، ومستقبل الشركة، ومصداقية والدتها، كلها انهارت في لحظة واحدة فقط. كانت الكلمات ثقيلة جدًا، لكنها في الوقت نفسه جميلة بطريقة غير مألوفة بالنسبة للايا، لأنها للمرة الأولى شعرت بأن ما فعلته كان ذا معنى عميق يتجاوز حدود اللحظة.

وقبل أن تغادر ليزا، اقتربت من لايا وقالت بصوت منخفض: “أمي قالت إنك لم تنقذي حياتها فقط… بل أنقذت شيئًا كانت تخاف خسارته منذ خمس سنوات.” لم توضح ليزا أكثر من ذلك، لكنها شدّت على يد لايا بطريقة مليئة بالامتنان، ثم مضت. بقيت لايا واقفة مكانها لدقائق بعد خروجها، تحاول فهم ما تعنيه تلك الكلمات الغامضة. ومع أنها لم تعرف الإجابات كاملة، إلا أنها شعرت للمرة الأولى بأن العالم قد بدأ يعاملها كإنسانة لها قيمة، وأن السنوات الطويلة من الصمت والعمل الشاق لم تذهب هباءً.

وفي نهاية اليوم، عندما جلست لايا في قاعة الامتحان أمام الورقة التي حلمت بها طويلًا، أحست بقوة جديدة تتغلغل في صدرها. قوة كانت خليطًا من الشجاعة، والطمأنينة، والإحساس بأنها أصبحت جزءًا من قصة أكبر بكثير مما تخيلت يومًا. كانت تعرف أن هذا الامتحان ليس سوى بداية طريق جديد، طريق قد يقودها إلى أماكن لم تجرؤ على التفكير بها. وما لم تكن تعرفه بعد هو أن الأيام القادمة ستكشف لها أسرارًا أخرى، وستضعها في مواقف لم تكن تتوقعها، وستجعل اسمها مرتبطًا بقضية طبية ستتحدث عنها البلاد كلها.