قصة مَن يستطيع أن يجعل ابني يتكلّم فسيتزوّجني
في تلك اللحظة اقترب بنيامين من الخادمة مرة أخرى وتمسك بيدها الصغيرة دون أن يخاف أو يتردد، وكأن شيئًا بداخله أخبره أنها جزء من ذاكرته الأولى. نظر خولين إلى يديهما المتشابكتين وشعر بأن العالم يعيد ترتيب نفسه أمامه. كانت لحظة جعلته يفهم للمرة الأولى أن الشفاء لا يأتي دائمًا من الأطباء، بل من القلوب التي تعرف كيف تمنح الأمان لمن فقده. تنفس بعمق، ثم مسح دموعه بنبرة قوية، وأعلن أمام الجميع أن الخادمة لم تعد مجرد عاملة تنظيف في القصر.
اقترب منها، وقال بصوت يملؤه الامتنان إن منزلهم فقد صوتًا منذ سنتين وإنها أعادته في لحظة واحدة. اعتذرت بخجل، محاولة أن تنفي أي فضل لها، لكنها لم تستطع مقاومة الدموع التي انهمرت على وجهها. أمسك خولين كفّها ووضعه فوق يد بنيامين، ثم قال إن الطفل يحتاج إليها أكثر من أي وقت مضى، وإنه لن يسمح أن تغادر حياته ثانية. كان يتحدث بثبات بينما الحاضرون يراقبون المشهد دون أن يجرؤ أحد على المقاطعة.
ثم حدث ما لم يتوقعه أحد. رفع خولين رأسه ونظر إليها نظرة عميقة لم تكن نظرة رجل يائس بل نظرة رجل وجد شيئًا غاليًا. قال لها إنه رجل أوفى بوعده أمام الجميع، وإن التحدي الذي أطلقه لم يكن مزحة، وإن من يستطيع أن يعيد صوت ابنه يستحق مكانًا في حياته، لا في القصر فقط بل في قلب العائلة نفسها. صمتت الخادمة لوهلة طويلة، محاولة استيعاب ما تسمعه، بينما شعرت قدماها تكاد تنفلتان من الأرض من قوة المفاجأة.
لم يضغط عليها ولم يطلب جوابًا فوريًا، لكنه قال جملة جعلت الجميع يبتسمون دون وعي. قال إن الزواج ليس تحديًا بل رحلة، وإنه لن يجبرها على شيء، لكنه يريدها أن تعرف أنها غيرت مصير ابنه، وأن مصيرها معه لن يكون أقل جمالًا إن قبلت. أما بنيامين، فقد رفع يده الصغيرة ومسح دمعتها، ثم قال الكلمة التي انتظرها أبوه لسنوات. قال ماما. وفي تلك اللحظة فقط أدرك الجميع أن الصفحة الأخيرة لم تبدأ بعد، بل إن القصة بدأت للتو.

تعليقات