قصة قام مليونير بتركيب كاميرا مخفية

قصة قام مليونير بتركيب كاميرا مخفية

جلس جوناثان تلك الليلة وعيناه مثبتتان على شاشة الكمبيوتر وكانت الصورة تنقل غرفة ابنه بوضوح كامل ظهر أوليفر في السرير جسده ضعيف وعيناه نصف مغلقتين كالمعتاد كان المكان يبدو كما هو دائمًا لكن وجود غرايس كان مختلفًا إذ دخلت بخطوات هادئة تشبه الأم التي تعرف طفلها جيدًا وأخذت ترتب الغطاء حوله كأنها تفعل ذلك منذ سنوات طويلة وليس أسبوعين فقط

راقبها وهي تخرج البسكويت المخبأ في منديل بسيط كان الأمر عاديًا جدًا لكنه ضرب في أعماقه شعورًا لم يعرفه منذ فترة طويلة فقد رأى ولأول مرة ابتسامة صغيرة على وجه أوليفر كانت ابتسامة حقيقية لا تشبه ابتسامات الإعياء التي يراها الطبيب في جلسات الفحص شعر جوناثان أن حلقه يجف وأن شيئًا ينكسر داخله ببطء كلما ظلت غرايس تتحدث للطفل بصوت يشبه النسيم

بدأ الطفل يرفع يده الصغيرة نحوها وكأنه يستمد منها طمأنينة لم يستطع والده تقديمها منذ وفاة والدته سمع جوناثان كلماتها وهي تقول إنها تشتاق لوالدتها أيضًا أحس أن قلبه يتوقف لحظة ثم يعود ينبض بألم قديم كان يسمع لأول مرة منذ زمن طويل صوت أنثى يتحدث بحنان داخل هذا البيت وبطريقة أعادت إليه ذكرى زوجته التي كان يتفادى التفكير فيها خوفًا من الانهيار

ثم سمع الجملة التي جمدته بالكامل عندما قالت إنها لن تدع شيئًا يؤذي أوليفر حتى لو لم يعد والده يظهر مجددًا لم يكن الكلام قاسيًا كما ظنه لكنه كان صادقًا وصريحًا بطريقة لم تعتدها حياته منذ وقت طويل شعر بصدمة معقدة من الغضب والندم والخجل كان يسمع ما لا يريد سماعه وكان يدرك أن غيابَه هو الذي جعل طفله يلتصق بأي يد تمنحه الأمان ولو كانت يد خادمة جاءت لتنظيف الأسطح فقط

وفي الصفحة الثالثة سيتخذ جوناثان قرارًا سيغيّر مصير البيت كله
وسيدرك أن الكاميرا كشفت شيئًا أكبر بكثير مما توقعه عندما وضعها….

أغلق جوناثان شاشة الكمبيوتر وبقي جالسًا في الظلام كانت يده ترتجف على حافة المكتب وهو يحاول استيعاب ما رآه شعر بأن السنوات الماضية كلها انهارت فوق رأسه مرة واحدة وأنه لم يكن أبًا بل مجرد ممول لجسد يحتاج العاطفة أكثر من الأجهزة الطبية أحس أن رؤيته لغرايس وهي تمسح رأس الطفل كشفت شيئًا كان يحاول إخفاءه عن نفسه وهو أنه منذ وفاة زوجته توقف عن الحياة فعليًا ونسي أن ابنه احتاج حضنًا يعيده إلى العالم

نهض من الكرسي وتوجه بخطوات مترددة نحو غرفة أوليفر كانت الممرات مظلمة إلا من ضوء خافت يتسلل من تحت الأبواب اقترب من باب الغرفة وتوقف لحظة قبل أن يفتحه إذ كان يشعر بالخوف من رؤية ابنه وجها لوجه بعد كل هذا الغياب كأن الطفل سيحاسبه بمجرد أن يراه لكنه أخذ نفسًا طويلًا ودفع الباب ببطء ليجد الطفل نائمًا فيما غرايس تجلس قربه بعينين نصف مغمضتين من التعب

اقترب منها وهمس لها أن تخرج معه للحظة فنهضت وهي تشعر بأن شيئًا ما حدث دون أن تعرف ما هو أخذها إلى الممر وأخبرها أنه شاهد التسجيلات وأنه رأى ما فعلته مع طفله لأول مرة منذ زمن طويل شعر بأن صوته يلين وأنه عاجز عن إخفاء ارتجافه قال لها إنه لم يفهم حتى الليلة معنى أن يكون أحدهم موجودًا فعلًا من أجل الطفل وليس من أجل راتب أو وظيفة شعرت غرايس بدمع يسقط دون أن تقاومه

وعندما عاد إلى داخل الغرفة جلس لأول مرة منذ عامين قرب ابنه ووضع يده على يده الصغيرة لم يستيقظ الطفل لكنه تحرك قليلًا وكأنه شعر بوجود لم يعتده منذ وقت طويل نظر جوناثان إلى وجهه وقال بصوت خافت إنه آسف جدًا لأنه تركه وحيدًا كل هذا الوقت وإنه لم يكن أبًا كما يجب لكنه سيبدأ من هذه اللحظة وسيكون هنا مهما كان انشغاله كانت تلك الليلة بداية إعادة بناء حياة كاملة داخل قصر طالما كان مليئًا بالأثاث لكنه خالٍ من الدفء حتى اللحظة التي التقطت فيها الكاميرا ما لم يلتقطه هو بقلبه منذ سنوات