قصة يادوب استقريت مكاني وحطيت الشنط
في الصباح التالي، تأكدت أن ليلى قد تناولت طعامها وشربت بما يكفي، وأنها بخير تام. المرأة جلست أمامي، وبدأت تبكي بحرقة، تقول: «لم أتخيل أن أحد يهتم بهذه الطريقة لطفلتي». شعرت بالرضا الداخلي، لكن كان هناك شعور آخر يغمرني: المسؤولية الأكبر الآن. لم يكن يكفي إيصالها فقط، بل كان علي التأكد من أنها ستكون دائمًا محمية. أخذت نفسًا عميقًا، وقررت أن أستمر في متابعة وضعها حتى تصل إلى ذويها بأمان كامل.
ثم اتصلت بالسيارة التي نقلتها، وطلبت من السائق البقاء في مكان قريب لمراقبة أي شيء قد يحدث، حتى تصل الطفلة إلى منزل والدها. كل خطوة كانت محسوبة، وكل حركة محسوبة، شعرت بأنني أعيش تجربة غير عادية من الحرص والمسؤولية. كل دقيقة تمر كانت تزيد من شعوري بالواجب تجاه هذه الطفلة الصغيرة، ولم أكن أستطيع أن أتراجع. كان كل شيء على المحك، وكل خطوة خاطئة قد تعرضها للخطر.
وأخيرًا، وصلت السيارة إلى منزل والد الطفلة، وكان الرجل في انتظارهما بقلق شديد. نزلت الطفلة بأمان، ورأيتها تلتف حول والده بفرحة غامرة. شعرت بالارتياح، لكن دموعي لم تتوقف، فقد شعرت بشدة المسؤولية التي حملتها طوال الطريق. كانت تلك اللحظة دليلًا على أن الأعمال الصالحة لا تأتي بلا ثمن، لكن الثمن يستحق عندما ترى براءة وسعادة طفل صغير. تركت المكان وأنا مطمئن إلى أن الطفلة وصلت إلى أحضان والدها.
وبعد أن ابتعدت، جلست على الرصيف لأستجمع أنفاسي، وأدركت شيئًا مهمًا: الرحلة لم تكن مجرد نقل طفلة، بل كانت درسًا في الصبر والشجاعة والتفاني. شعرت بأن قلبي قد نما قليلًا، وأنني قادر على مواجهة أي تحدٍ قادم، طالما هناك هدف نبيل وضمير حي. كل خوف، كل دمعة، كل لحظة قلق، كانت جزءًا من قصة لم أنساها أبدًا، وستبقى محفورة في ذاكرتي مدى الحياة.

تعليقات