قصة بينما كنت أرتشف الشاي في غرفة المدرسين

قصة بينما كنت أرتشف الشاي في غرفة المدرسين

حين وصل إلى بيتي مساء ذلك اليوم، كان يقف أمام الباب بتوتر واضح، كأنه يخشى أن يكون وجوده نفسه خطأً كبيرًا.
فتحت الباب ورحّبت به، فلاحظت فورًا الطريقة التي كان ينظر بها حوله، كأن كل تفصيلة في المنزل تذكّره بعالمٍ لم يعد جزءًا منه.
جلس على الأريكة بخجل، يضم حقيبته الصغيرة إلى صدره، ويخفض رأسه كلما حاولت أن أفتح حديثًا بسيطًا معه.
قلت له بلطف: «أنت بين أهلك، خذ راحتك»، ولكنه هزّ رأسه وكأنه لا يعرف كيف يشعر بالأمان.

بعد دقائق، طلب أن يُخبرني شيئًا “ربما يجعلني أغيّر رأيي بشأنه”.
رفع رأسه لأول مرة، وكانت في عينيه قصة طويلة جدًا، أطول من الكلمات التي يستطيع نطقها.
قال بصوت منخفض: «لم أكن عامل تنظيف في الحقيقة… كنت أستاذًا جامعياً في بلدي».
شعرت بصدمة تجمد أطرافي، لكني بقيت صامتًا حتى يكمل ما بدأه.

تنهد بعمق وقال: «ورغم ذلك، لم يكن العلم كافيًا لينقذ عائلتي من الجوع في السنوات الأخيرة».
حكى عن بلده الذي انهار تدريجيًا، وعن راتبه الذي لم يعد يكفي ثمن الخبز، وعن الجامعة التي أغلقت أبوابها فجأة.
قال ذلك بنبرة رجل عاش حياة كاملة وبدأ من الصفر مجددًا، لا بدافع القوة، بل لأن الظروف لم تمنحه أي خيار آخر.
ومع كل جملة كان يقولها، كنت أشعر بأن شخصًا آخر يُكشف أمامي، لا علاقة له بما يظنه الجميع في المدرسة.

ثم نظر إلي مطولًا وسألني: «هل ما زلت تظن أنني مجرد عامل؟».
حاولت أن أجيبه، لكن شيئًا آخر حدث في تلك اللحظة، كان أعنف وأغرب من أي اعتراف.
سمعنا طرقًا قويًا على الباب، كأن أحدهم يعرف بالضبط أن هذا الرجل موجود هنا.
وتغير وجهه فجأة إلى لون الرماد، وكأنه يعرف هوية الطارق قبل أن يسمعه.

ما الذي كان يطارده ليلاً؟
ولماذا كان يخشى أن يُعرف مكانه بهذه الدرجة؟ الإجابة في الصفحة الثانية..