قصة بينما كنت أرتشف الشاي في غرفة المدرسين

قصة بينما كنت أرتشف الشاي في غرفة المدرسين

لم يتحرك من مكانه، بل تجمد تمامًا، كأن تحريك عضلة واحدة قد يكشفه للعدوّ المباشر.
اقتربت من الباب ببطء وسألته: «من هذا؟ هل تنتظر أحدًا؟» لكن لم يخرج منه أي صوت.
كان يتصبب عرقًا رغم برودة الجو، ويداه ترتجفان كأن الطرق على الباب ليس طرقًا عاديًا، بل حكمًا نهائيًا.
قلت له: «لا تقلق، ربما خطأ»، لكنه أمسك بذراعي وهمس: «أرجوك لا تفتح».

توقف الطرق فجأة، وتحول الصمت إلى شيء مخيف أكثر من الضجيج.
جلست مقابله لأفهم ما يحدث، لكن عيناه كانتا مشغولتين بالباب كأن الظلام خلفه لديه ذاكرة سيئة معه.
بعد دقائق طويلة، قال أخيرًا: «ليس من السهل الهرب من الماضي مهما ابتعدت».
ثم أضاف بصوت مُتهدّم: «هناك أشخاص يتتبعونني منذ وصلت إلى هذه البلاد».

رفعت حاجبيّ بصدمة وسألته: «ولماذا؟ ماذا فعلت؟».
أجاب وهو يشبك يديه بقوة: «ليس ما فعلته… بل ما رفضت فعله».
ثم روى لي كيف طُلب منه أن يزوّر أبحاثًا علمية خطيرة لصالح منظمة تدّعي دعم الجامعات.
وعندما رفض، اتُهم بالخيانة، وتم تهديده هو وعائلته، حتى اضطر إلى الهرب في آخر ليلة قبل اعتقاله.

قال وهو ينظر للأرض: «ظننت أنني في أمان هنا… لكن يبدو أنهم وصلوا».
كانت الكلمات ثقيلة جدًا، ثقيلة لدرجة أنها جعلتني ألفظ أنفاسي بصعوبة.
ثم سألته بخوف: «وماذا يريدون الآن؟ لماذا يبحثون عنك؟».
نظر إليّ نظرة بطيئة، تحمل اعترافًا أخطر مما توقعت.

ما الذي يخفيه في حقيبته الصغيرة؟
ولماذا قال إن حياتي أنا أيضًا أصبحت في خطر؟ في الصفحة الثالثة..