قصة رحت اكشف علي بنتي كانت تعبانة وركنت العربية تحت عيادة الدكتور
كان صوته يرتجف وهو يحاول إخفاء دموعه، وكأن الخوف أكبر من الكلام الذي يخرج منه. كنت أمشي بجانبه وأشعر أنّ خطواته الصغيرة تحمل فوقها حملًا ثقيلًا لا يستطيع طفل في عمره احتماله. كان ينظر للأرض طوال الطريق، وكأنه يخشى أن تلتقي عيناه بعيني فأكتشف ما هو أعمق من مجرد جوع أو تعب. وكلما سألته سؤالًا بسيطًا، كان يتردد قبل أن يجيب وكأنه يحسب كل كلمة مئة مرة.
حين اقتربنا من السوبرماركت، لاحظت أنه كان يتلفت يمينًا ويسارًا كمن يخشى أن يراه أحد. كان ذلك غريبًا، فالطفل الذي يحتاج الطعام لا يخاف من أن يُرى، بل يخاف من أن يُرفض طلبه فقط. لحظتها أدركت أن القصة وراء جوعه ليست مجرد فقر أو حاجة، بل شيء أكبر بكثير كان يحاول إخفاءه. ومع كل خطوة كنت أشعر أني أغوص معه في عالم مظلم لم يتوقع قلبي أن يدخله.
دخلنا السوبرماركت بخطوات مترددة، ووقفت أراقبه من بعيد وهو يتحرك بين الرفوف. لم يذهب للحلويات، لم يقترب من الأشياء التي تجذب الأطفال عادة، بل سار مباشرة نحو الأشياء الأساسية: الجبن، الخبز، والحليب. كان يلتقط كل شيء بيدين ترتعشان، وكأنه يخشى أن يسقط منه شيء ويُحاسب عليه. لحظتها فهمت أن هذا الطفل لا يطلب دلعًا، بل يطلب حياة.
وعندما وقف أمام قسم الحفاضات، تجمد في مكانه، وبدت عيناه وكأنهما تحملان ذكرى مؤلمة. سألته: “انت متأكد إن أختك محتاجة؟” فأومأ برأسه بقوة، ثم قال بصوت يكاد لا يُسمع: “لو معرفتش أجيب لها… هي اللي هتتأذى.” وهنا فقط، بدأ الخيط الأول للحقيقة يظهر أمامي، الحقيقة التي لم أكن مستعدًا لها.
تابع الصفحة التالية فالقادم أخطر مما تتوقع …
الحقيقة التي يخاف الطفل قولها ستظهر الآن …

تعليقات