قصة كان يفصلني يومٌ واحد فقط عن الزواج بزوجتي الجديدة
عندما التفتُّ نحو مصدر الخطوات، رأيتُ امرأة تقف على بُعد أمتار قليلة، ترتدي معطفًا رماديًا وقبعة صغيرة تخفي نصف ملامحها. كانت تنظر نحوي نظرة غريبة، ليست نظرة شخصٍ تائه أو زائر عابر، بل نظرة من يعرف تمامًا إلى أي قبرٍ أقف. ترددتُ للحظة قبل أن أسألها إن كانت تحتاج شيئًا، لكن الكلمات علقت في حلقي عندما تقدّمت خطوة أخرى وهمست بصوتٍ مرتجف. كان هناك شعور غريب يملأ جسدي، مزيج من الترقّب والقلق، وكأن شيئًا يوشك على الانكشاف بعد سنوات من الصمت.
قالت لي بصوتٍ منخفض، بالكاد يُسمع فوق المطر: “أنا… أعرف زوجتك.” لم أفهم ما تعنيه في البداية، ظننتها ربما إحدى معارفها من الجامعة أو العمل. لكن طريقة نطقها لجملة قصيرة كهذه كانت تُخفي وراءها الكثير. رفعتْ رأسها ببطء، فظهرت عيناها الواسعتان، وفيهما حزن عميق لا يشبه أي حزن عابر. شعرتُ بأنني أعرف هذا الوجه… لكنني لم أستطع تذكّر أين رأيته. حاولتُ الاقتراب منها، لكنها تراجعت خطوة وكأن بيننا حاجزًا لا يُرى، حاجزًا يمنعها من قول الحقيقة بسهولة.
سألتها إن كانت إحدى صديقات زوجتي الراحلة، لكنها هزّت رأسها نفيًا، وقالت شيئًا أربكني تمامًا: “كنتُ معها… قبل دقائق من وقوع الحادث.” تجمّدت الكلمات في فمي، وارتفعت أنفاسي ببطء. أربعة أعوام كاملة مرّت دون أن يخبرني أحد أن زوجتي لم تكن وحدها قبل الحادث. تساءلتُ كيف يمكن لهذه المرأة أن تظهر الآن فقط، قبل يومٍ من زفافي، لتكشف شيئًا لم يجرؤ أحد على قوله. اقتربتُ منها خطوة أخرى، وقلبي يخفق بعنف، محاولًا فهم ما الذي تخفيه بين طيات كلماتها الغامضة.
وفي لحظة صمت قصيرة، أمسكت المرأة أطراف قفازها، ونزعته ببطء، كأنها تتهيأ لقول شيءٍ سيقلب عالمي كله. كانت يداها ترتجفان، ليس من البرد وحده، بل من ثقل ما تحمله من أسرار. همستُ بقلق: “من أنتِ؟” رفعت نظرها إليّ، ثم تنفست بعمق كمن يتهيأ للاعتراف. قالت: “يجب أن تعرف الحقيقة… قبل أن تتزوج غدًا.” تلك الجملة وحدها جعلت الأرض تدور بي، وكأن المطر توقف فجأة عن السقوط، منتظرًا ما ستقوله.
ولكن ما ستفصح عنه الآن… كان أخطر مما توقعته في أسوأ كوابيسي.
تابع الصفحة التالية… فكل شيء سيتغيّر ابتداءً من الجملة التالية.

تعليقات