قصة تزوّجتُ رجلًا مشرّدًا كان الجميع يسخرون منه

قصة تزوّجتُ رجلًا مشرّدًا كان الجميع يسخرون منه

أخذ ماركوس نفسًا طويلًا، كأنه يجمع ما تبقى من شجاعته لجملة واحدة فقط. نظر إليّ، نظرة مختلفة تمامًا عن كل النظرات التي سبقته. نظرة مليئة بالامتنان والحب والإصرار في آن واحد. قال بصوت منخفض لكنه اخترق القاعة كلها: “هناك شيء واحد لم أخبر ماريا به… شيء أخفيته لأنني لم أكن أملك الجرأة للاعتراف به.” أحسستُ بقلبي يتوقف لثوانٍ، وبأن أطرافي ترتجف دون إرادتي. كانت عائلتي أيضًا تنظر إليه بانتظار لا يتنفس.

تقدّم خطوة نحوي، ووضع الورقة جانبًا ثم قال: “قبل أن أفقد كل شيء… كنت أبحث عن شخص واحد فقط. شخص ساعدني وأنا في أسوأ حالاتي، ثم اختفى فجأة.” توتر الحضور، بعضهم مال برأسه نحو الأمام، وآخرون وضعوا أيديهم على صدورهم. أكمل: “كانت امرأة… كانت تعطي الطعام للمحتاجين سرًا كل يوم في الحديقة العامة قريبًا من شركتي.” بدأتُ أشعر بدوار خفيف، وكأنني أعرف إلى أين تتجه القصة.

قال ماركوس بصوت يزداد دفئًا: “وفي يومٍ ما، كانت تلك المرأة تمرّ بقربي وأنا جالس على الأرض بعد انهياري المالي. لم تعرف من أكون، ولم تسأل. فقط أعطتني شطيرة وقالت لي: لا أحد يسقط للأبد.” شعرتُ بدموعي تتجمّع في عيني، لأن العبارة… كانت مألوفة بشكل مخيف. وتابع: “بحثت عنها طويلًا… وعندما رأيت ماريا أول مرة قرب الإشارة، شعرت أنني أعرفها. لكنني لم أكن متأكدًا.”

اقترب خطوة أخرى حتى صار على بُعد سنتيمترات مني، ثم قال: “ماريا… أنتِ تلك المرأة.” تنفستُ بصعوبة، ورفعت يدي إلى فمي وأنا أسمع شهقات مذهولة من العائلة. تابع ماركوس بصوت مبحوح: “أنتِ التي ساعدتني يوم لم يكن لدي شيء. أنتِ التي أعادت إليّ إنسانيتي قبل أن أعرف اسمك حتى.” تراجعتُ خطوة وأنا أبكي بلا توقف. كان صادقًا… كان كلامه يلامس روحي بطريقة لم يلمسها أحد من قبل.

رفع يدي اليمنى أمام الجميع وقال: “لذلك… لن أسمح لأحد أن يسخر منك بعد اليوم. لأن المرأة التي تزوجتها… أنقذت رجلًا كان العالم كله قد تخلى عنه.” انفجرت القاعة بالتصفيق والدموع، وتحوّل كل من سخر منه إلى شخص يخبّئ وجهه خجلًا. أما أنا… فلم أرَ في تلك اللحظة إلا الرجل الذي أحببته، لا ماضيه، ولا بدلة مستعارة، ولا نظرات الناس.