قصة من أول يوم جواز ليا وأنا قافل من مراتي

قصة من أول يوم جواز ليا وأنا قافل من مراتي

من اللحظة التي أقفلت فيها الهاتف بعد مكالمة عمّتي، حسّيت إن صدري اتقبض بطريقة غريبة، وكأن كلمة واحدة منها كانت كافية تفتح باب ما كانش لازم يتفتح. خرجت من البيت وأنا تايه، ما بين الخوف من الحقيقة والرغبة في إنّ كل ده يكون مجرد وهم نفسي. الشارع كان هادي، بس جوايا في عاصفة بتنسف كل اللي كنت فاكر إني فاهمه. وبعد عشر دقايق وصلت، ووقفت قدام باب شقتها، إيدي بتتهز وأنا بخبط، ومليون سيناريو بيلف في دماغي بطريقة مرعبة.

فتحت الباب، وظهرت عمّتي بوشّ مرهق كإنها ما نامتش من شهور، نظرتها مش هي نظرتها، وتنهّدها تقيل كأنها كانت مستنياني من بدري. دخلت وأنا شايل هم الكلام اللي هسمعه، ولقيت ريحة غريبة في البيت، ريحة بخور مخلوط بحاجة ما قدرتش أحددها. قعدت قبالها وسألتها أول سؤال طالع من قلبي، سؤال كنت خايف من جوابه أكتر من خوفي من مراتي نفسها. قلتلها بنبرة مكسورة: “عمّتي… إنتي متأكدة إن اللي شوفتها يوم الخطوبة هي نفسها مراتي اللي معايا دلوقتي؟”

ساعتها بصّتلي النظرة اللي ما أنساها طول عمري، نظرة فيها ذنب وخوف وخجل وشي تالت معرفهوش. مسكت كفّي بإيدها المرتجفة وقالتلي بصوت واطي بس واضح: “أيوه يا ابني… اللي شوفتها يومها كانت هي… بس مش هي في نفس الوقت.” حسّيت جسمي بيتشل، وكأن كل قطرة دم فيه اتحولت لثلج. قربت منها، وقلتلها بحدة ما عرفتهاش في نفسي: “يعني إيه مش هي في نفس الوقت؟ إنتي خبّيتي عني إيه؟ وليه؟!”

اتنفست بعمق، وغمّضت عينيها كأنها بترجع فيلم قديم مخبيّاه من زمان. وبعد لحظة طويلة، فتحتهم وقالت الجملة اللي قلبت دنيتي فوق تحت: “أختك يا ابني… مرة كانت هتتجوز واحد… والليلة دي حصل لها مسّ شديد… وماتت بعدها بأسبوع.” ساعتها قلبي وقف. مشهد مراتي وهي بتخبط راسها في الدولاب، بتصرخ، بتاكل اللحمة النيّة… كله رجع قدامي كأنه بيتعاد دلوقتي.

… وفي الصفحة الثانية، راح تبدأ الحقيقة اللي كان لازم تفضل مخفية للأبد…
تابع الرعب القادم…