قصة الرجل الذي ربّاني لم يكن والدي البيولوجي

قصة الرجل الذي ربّاني لم يكن والدي البيولوجي

وقف القاضي، وطلب من ميغيل إنه يقف جنبه. وأنا قلبي بيطبّل. حسّيت الجو يتقل، كأن الصمت بقى له وزن. القاضي فتح الملف وقال: “ميغيل رُفعت ضدك قضية… من ٢٣ سنة.” ساعتها اتجمدت. بصيت لميغيل، لقيته دايخ من الكلام، مش فاهم. القاضي كمل: “القضية اتقفلت… لعدم وجود طفل، ولعدم وجود دليل… لكن التقرير الطبي أكد شيء… شيء مربط بالحكاية اللي قلتها يا أستاذ.” كان بيبصّلي أنا.

الصالة كلها كانت بتتنفّس ببطء. القاضي رفع ورقة وقال: “التقرير بيتكلّم عن طفل تم الإبلاغ عن فقدانه من مركز رعاية… طفل مختفي وقتها… طفل بعمر الرابعة عشر.” قلبي وقف. قلبي توقف للحظة. القاضي بصّلي تاني… وبعدين قال: “وفيه شاهد… من وقتها… أكد إن الطفل اتاخد من الشارع… على يد رجل كبير… بنفس وصف ميغيل.”

روحي طلعت. لكن القاضي رفع إيده وقال:
“لكن… قبل ما نفكّر في تحويل القضية… كان فيه ورقة في الملف… ورقة قديمة… بخط اليد.”

الورقة اتفتحت، والقاضي قرأ:
“الطفل اختار بإرادته. والورشة آمن من الشارع. لو غلط… حاسبوني. لو صح… سيبوه يعيش.”

كانت الجملة مكتوبة بخطّ ميغيل. بإيده. بإحساسه. بسنينه.
كل اللي كان لازم يقوله وقتها قاله. وكل اللي كان لازم يفهمه القاضي… فهمه.

القاضي نزل الورق، وقال قدّام الكل:
“المحكمة لا ترى أي جريمة. المحكمة ترى… رجلًا أنقذ طفلًا من الشارع.” ساعتها… الورشة اتنقذت. وميغيل اتنقذ. وأنا… اتولدت من جديد.