لقصة كان قد مرّ عامان على وفاة زوجتي
مع مرور الليل، بدأ الخوف يشكّل صورة أوضح مما كنت أتوقع. جلست أمام شاشة الكمبيوتر، أراجع ملفات حادث السير الذي أودى بحياة كلارا، تلك الملفات التي حاولت لسنوات ألا ألمسها. شعرتُ بيداي تتعرقان بمجرد فتح الصور، لكن شيئًا ما كان يجذبني إليها هذه الليلة وكأنها تحوي إجابة وضعتها الأقدار لأجل هذا التوقيت بالذات. لاحظت للمرة الأولى أن التقرير الرسمي لم يتضمن أي شاهد عيان، رغم أن الحادث وقع في منطقة غالبًا ما تكون مكتظة مساءً. وكأن أحدهم أراد للحادث أن يمرّ صامتًا دون أسئلة.
فتحت ملف autopsy—التشريح—وهو الشيء الذي لم أجرؤ على النظر إليه منذ عامين. لم أقرأ كل شيء، فقط السطر الأول الذي جعل قلبي يهبط مثل حجر في أعماقي: “تم تحديد الهوية بناءً على الأغراض الشخصية والملابس.” لم تكن هناك أي جملة تشير إلى مطابقة كاملة للبصمة أو الحمض النووي. شعرت برعشة في ظهري، كأن الهواء أصبح باردًا فجأة. هل يمكن… هل يمكن أن الجسد لم يكن جسدها؟ هل كانت كلارا على قيد الحياة طوال هذا الوقت؟
قبل أن يكتمل هذا السؤال المخيف في رأسي، سمعت حركة خفيفة في الممر. خرجت بسرعة، لأرى لوكاس واقفًا ممسكًا بمعطفه وكأنه يستعد للخروج. كان وجهه شاحبًا، وعيناه نصف مغلقتين، كأنه يسير وهو نائم. سألته بقلق إلى أين يذهب، لكنه لم يجب، فقط همس بشيء كاد يجعلني أفقد توازني: «ماما تستناني… قالت لازم أجي.» أمسكت بيده بقوة، لكنه كان يحاول التملص بلطف، وكأن قوة ما خارجة عنه تدفعه للاستجابة لصوت لا أسمعه أنا.
حملته إلى السرير وأعدته للنوم بصعوبة، لكن قلبي لم يعد يحتمل المزيد من الانتظار. فتحت حقيبة كلارا القديمة التي احتفظت بها طوال عامين، تلك الحقيبة التي لم ألمسها منذ موتها. وبين الأوراق والصور والمفكرات، وجدت ظرفًا صغيرًا مغلقًا بشريط لاصق، وعليه بخط دقيق: “إلى إيثان… افتح هذا فقط إذا حدث ما أخاف حدوثه.” شعرت برأسي يدور، وشفتاي ترتجفان. كانت كلماتها واضحة… لكنها كانت تعني أمرًا واحدًا فقط: كلارا كانت تعرف أن شيئًا ما سيحدث. وكانت تخافه.
— تابع الصفحة الثالثة… ففيها تعرف لماذا حذّرت كلارا ابنك من “الذهاب معها”. وما هو السرّ الذي كانت تخفيه منذ سنوات طويلة… قبل موتها، أو ما اعتقدتَ أنه موتها.

تعليقات