قصة جالي اتصال وأنا في الشغل إن ابني

قصة جالي اتصال وأنا في الشغل إن ابني

كان أحمد واقف قدّامي وملامحه متغيرة بطريقة مرعبة، كأن حد شاف حاجة مش المفروض يشوفها. حاولت أقرب منه لكنه رجع خطوة لورا، وكأنه خايف يلمسني. قال بصوت مبحوح إن اللي شافه جوه أوضة ياسر مش طبيعي، وإن الطفل كان بيحكي حاجات عمره ما كان المفروض يعرفها أصلاً. حاولت أضحك وأهزر وأقوله إن الولد مريض نفسي، لكن أحمد ما ضحكش، وقال إنه سمع كلام محدش يعرفه غيري أنا وأمه اللي ماتت. وقتها حسيت كأن الأرض اتشقت تحت رجليا. كنت فاكر إن الماضي مات واندفن معاها، لكنها طالعة لي من ابنها مثل ما كانت بتطلع في الكوابيس كل ليلة.

قعد أحمد على الكنبة ومسح دموع حاول يخبيها، وقال إن ياسر فضل يحكيله تفاصيل عن أيام زمان، عن اللي كانت تعملُه أمه، وعن اللي كنت بعمله أنا. جاب سيرة مواقف عمري ما حكيتها لأي شخص، حتى أحمد نفسه ما يعرف عنها حاجة. حسيت برعشة في جسمي، وكأن حد بيقرا أفكاري بصوت عالي. سألته بصوت مكسور: “هو قالك إيه؟” أحمد رفض يجاوب وقال إنه مش قادر يعيد الكلام، لكن اللي سمعه خلاه مقتنع إن البيت ده مش طبيعي ومش صالح لعيش حد فيه. حاولت أتمالك نفسي وأظهر إني قوي، لكن قلبي كان بيدق بطريقة مخيفة، وأنا فاهم كويس جدًا إن اللي قاله أحمد مش هينطق بيه طفل عنده ١٠ سنين من غير ما يكون في قوة أكبر منه بتحركه.

وقفت قدّام باب أوضة ياسر وكنت حاسس إني واقف قدام باب مقبرة، مش باب طفل. فتحت الباب ولقيته نايم، بس ملامحه كانت مرسومة بغرابة، وكأنه مبتسم وهو نايم. قربت منه أكتر وحاولت أسمع نفسه، لكني سمعت صوت خفيف جدًا كأنه همس، همس خنق قلبي وخلى جسمي يعرق فجأة. قربت وداني أكتر لحد ما سمعت كلمة واحدة خرجت من بين شفايفه وهو نايم: “مــا تخـــافــــش… أنا مــش لوحـــدي.” ساعتها رجعت خطوة لورا ممكن أكتر من خطوة، وفضلت أبصله بخوف عمري ما حسّيته في حياتي. لأول مرة حسيت إني قدام شيء أكبر مني، شيء ماعرفش أواجهه بالعصاية ولا بالصوت العالي ولا حتى بالغضب اللي متعود أستخدمه معاه.

رجعت لأحمد وقلتله لازم يقولي كل حاجة شافها، لكن أحمد قام ولبس الجزمة وقال إنه ما يقدرش يقعد دقيقة واحدة في البيت ده. كنت هزعق له لكن صوتي خرج ضعيف، وكأني أنا الطفل وهو الراجل الكبير. قال قبل ما يخرج إن اللي جوا ياسر مش تعب ولا دلع، وإنه كان نفسي أسمع الكلام من بدري قبل ما الولد يوصل للي هو فيه. وبعدها بص لمراتي اللي كانت واقفة ورانا وباسط إيده عليها وقال لها: “خدي بالك من نفسك، الولد ده محتاج حد يحبه مش يخاف منه.” وبعدها خرج من البيت من غير ما يبص وراه. لما الباب قفل، حسيت البيت كله اتغير، وكأنه فقد نور ماكنتش واخد بالي إنه كان موجود أصلاً.

تكملة الصفحة الثانية… والأحداث الآن بتبدأ تتكشف…