قصة كنت سهران الليلة ومطبق في المستشفى
بعد ما خلص الدكتور شغله، خرجت من المشرحة وأنا مش قادر أتنفس، وكأن الهوا نفسه رافض يدخل صدري. حاولت أرجع لأوضة الأمن يمكن أرتاح شوية، لكن الطريق اللي بين المشرحة والبوابة الخلفية كان مرعب، ضلمة وسكون مش طبيعي. كل خطوة كنت سامع صداها كأنها ضربات على الأرض. ولما قربت من الأوضة، لمحت حاجة خلت قلبي يتجمد: الباب مفتوح… رغم إني قفلته قبل ما أروح مع الدكتور. قربت ببطء، وأنا مش فاهم ولا مصدق، ولما دخلت… ريحة البخور اللي كنت شمّتها على هدومها بدأت تطلع من غير سبب. المكان كان فاضي، بس البطانية اللي اديتها لها كانت مرمية على الأرض، كأن حد لسه واقف هنا من لحظات.
قعدت على الكرسي وأنا ماسك راسي، وبحاول أستعيد أنفاسي، فجأة سمعت خبطة خفيفة جاية من فوق السقف المعدني للأوضة. خبطة… بعدها واحدة… بعدها تالتة. حسيت إن قلبي وقف تمامًا. ده صوت حد ماشي فوق الأوضة، خطابته تقيلة، مش خفيفة ولا عشوائية. وقفت بسرعة وفتحت الباب وبصيت فوق، لكن الضلمة كانت مابتورّيش حاجة. رجعت بسرعة لجوا، ولقيت على الطاولة ورقة ملفوفة. مسكتها بإيدي اللي كانت بتترعش، وفتحتها. الورقة كانت مكتوب فيها بخط إيد: “ما تخافش… أنا مابينامش لوحدي.”
وقفت مرعوب، وأنا ببص حواليّ كأني متوقع ألاقيها طالعة من أي زاوية. الوقت كان بيعدّي ببطء، وكل صوت كان بيرن في وداني كأنه صرخة. حاولت أخرج من الأوضة بس لقيت نفسي مش قادر، كأن الباب اتقل فجأة. قربت منه وبمجرد ما لمست الإيدل، حسّيت بإيد باردة، باردة جدًا، بتلمس ضهري. لفيت بسرعة، لكن مافيش حد. وكل اللي لحقته إني أشوف خيال بنت واقف برا الشباك للحظة… لحظة واحدة بس… وبعدها اختفى زي الهوى.
رجعت أقعد على الكرسي وأنا مش قادر أستوعب اللي بيحصل. كل حاجة بدأت تبانلي كأنها مربوطة ببعض: وجودها قدّامي، اختفاءها، جثتها اللي شفتها، والسلسلة اللي في إيدي. كل ده مش مجرد صدفة، وكنت حاسس إن في رسالة ورا كل اللي بيحصل، رسالة هي الوحيدة اللي عايزاها توصل. فتحت السلسلة، وبصيت على الظهر لقيت محفور عليها تاريخ قديم… من ٧ سنين. تاريخ وفاتها الحقيقي.
الصفحة الثالثة… وهنا تعرف مين كانت البنت دي فعلاً….

تعليقات