قصة واحدة صاحبتي قالتلي إن فيه واحدة ست قريبة من القاهرة طالبة شغالة
صحيت تاني يوم وجسمي كله بيوجعني من إرهاق الأربع شهور اللي فاتوا، صحيت وأنا مش مصدقة إن مفيش صريخ أطفال، مفيش أوامر فوق أوامر، مفيش حد يصحيني الساعة تلاتة الفجر. صاحبتي دخلت عليا بكوباية شاي، ولما شافتني بعيط قالتلي: “لسه بتخافي؟” قولتلها: “أنا خايفة تصحى وتبلغ عني النهارده… خايفة تصوّر بطاقتي وتتهمني”. فضلت تهدّيني وتقوللي إن محضر الفقد حماني، وإن الست لو حاولت تعمل أي تهمة مش هتعرف تثبت شغل ولا عقد.
قعدت اليوم كله أعيد وأزيد في اللي حصل، كنت بحاول أفهم إزاي واحدة أم لست أطفال تمتلك كل هذا الكم من القسوة، إزاي يهون عليها تهين واحدة شغّالة عندها وتربي ولادها على إهانتها. افتكرت أيام كنت أنام وأنا واقفة من التعب، وافتكرت ليلتها اللي صحيتني فيها 3 الفجر عشان أنضف أوضتها من غير ما تبص حتى عليا. افتكرت ضهري اللي كان بيتقطم من الشغل، وإغماءاتي اللي كانت تيجي وتروح، وكل ده مقابل ولا جنيه واحد.
بعد يومين وصلت أخبار من المنطقة إن الست عاملة دوشة كبيرة، وبتقول إن الشغالة هربت وسرقت دهب، وإنها مش هتسيب حقي. البواب كان محتار لأنه شافني خارجة رايحة السوبر ماركت، ومشافش بعدها أي حاجة. الست حكت للناس إني خططت ونسّقت مع حد برّه، وإن في حد استقبلني وأخد السلاسل، لكن ماحدش من الجيران صدّق كلامها لإنها معروفة إنها عصبية ومبالغة.
الموضوع خوفني أكتر، بس في نفس الوقت كان بيخليني أتأكد إنها فعلًا كانت مجهزة تمسك عليّ غلطة في أي وقت. أنا مكنتش ضحية شغل… كنت ضحية استغلال، ضحية ست عايشة على فكرة إنها تملك البشر، وبتعاقب اللي حواليها عشان مشاكلها هي. ومع ذلك، جوايا كان في شعور جديد، شعور قوة، شعور إن ربنا نجاني قبل ما أقع في مصيبة أكبر، وإن الهروب ده كان شجاعة مش جبن.
في الليلة الثالثة حسّيت لأول مرة برغبة في إنّي أرجع أعيش حياتي، وأطلع من شخصية البنت المنكسرة اللي كانت بتتمنى يوم أجازة أو لقمة نظيفة. حسّيت إني مش مجرد ضحية، لأ… أنا ناجية. وهنا بدأت أفكّر بجدية أدوّر على شغل جديد، شغل محترم، بكرامة، ومن غير ما حد يستغل حاجتي. وصاحبتي قالتلي إنها هتساعدني، وإن في مستشفى قريب محتاجين عاملة نظافة بنظام شفتات ومعاملة محترمة.
لكن… هل فعلاً انتهت قصتها مع الست؟
ولا المفاجأة الأكبر كانت لسه جاية؟ في الصفحة الثالثة

تعليقات