قصة من شوية أمي جتلي وهي بتبكي بكاء شديد
رجعت لأوضتي بسرعة وقفلت الباب من جوّا، وحطيت السرير قدّامه كأنه حاجز بيحميني، رغم إني عارف كويس إنه لو جدي قرر يخش، هيكسّر السرير والباب وكل حاجة. قعدت على الأرض وظهري للحايط، ودموعي نازلة من غير ما أحس، ولساني بيقول: “هو إيه ده؟ إيه اللي بيحصل هنا؟” حسّيت لأول مرة إن في حاجة غلط جدًا في البيت ده، وإن جدي مش مجرد راجل غريب الأطوار… لأ، فيه سر مرعب ورا كل اللي بيعمله. حاولت أنام، لكن كل ما أغمض عيني ألاقي صورة البرطمان الكبير قدّامي.
صحيت الصبح على صوت مفاتيح، وجدي دخل وهو شايل صينية عليها طبق العيش والزيت تاني. فضلت أبصلّه بترقّب، وأنا مرعوب إن يكون اكتشف إني خرجت. لكنه كان ساكت بشكل يخوّف، مش بيبص ليا، بس صوته اتغيّر وهو يقول: “حذّرتك… وقلتلك متقربش.” حسّيت إن الكلام ده مش مجرد تحذير… ده تهديد. حط الصينية ومشي من غير كلمة تانية، وقفل الباب ورايا والمفتاح في الإقفال من برّه كعادته.
بعد ساعة تقريبًا سمعت صوت تليفونه من برا، وصوته هو بيزعق لحدّ في التليفون ويقول: “لحد إمتى؟ خلاص… مش هينفع يتأجل أكتر من كده.” وبعدها قفل. الكلمات دي غرست في قلبي خوف مدفون. مين اللي بيكلمه؟ ومين اللي مش هينفع يتأجل؟ ومن اللي “مش هستنى أكتر” زي ما قال تحت؟ بقيت أحس إن كل يوم بيعدي بيقربني من كارثة حقيقية. نفسيتي انهارت، وقعدت ألفّ في الأوضة زي المجنون بدوّر على أي مخرج أهرب منه.
رغم إنه قفّل الشباك بألواح خشب، فضلت أدق بإيدي، برجليا، بكل قوتي يمكن لوح يتحرك، لكن مفيش فايدة. الريحة اللي جاية من برا كانت غريبة… ريحة دخان مختلط بزيت محروق. الصوت اللي بالليل بدأ يرجع في وداني وأنا صاحي… الخروف… الطفل… الهمسات اللي مش مفهومة. بدأت أربط بين كل حاجة شفتها… الكتب الغريبة… الجماجم… البرطمانات… وبدأت حقيقة مرعبة تتجمع في دماغي: جدي بيعمل حاجة مش طبيعية، حاجة مش من الدنيا دي.
وقفت قدام باب الأوضة وحسّيت بقلبي بيخبط في صدري كأنّه بيحاول يهرب قبلي. ولقيت نفسي بحط ودني على الخشب من غير ما أفكر، وسمعت صوت خطوات في الصالة، وبعدها صوت سحب باب الدولاب اللي كان بيخبّي فيه المفتاح. قلبي وقف… هل بيروح للأوضة اللي تحت؟ ولا بيحضّر حاجة تانية؟ رجعت لورا، لكن قبل ما أبعد، الصوت الأقرب لقلبي كان صوت بكاء طفل… نفس الصوت اللي سمعته تحت.
فضلت أقف وأتراجع لحد ما ضهري خبط في الدولاب، وعقلي بيلف بسرعة، وشيء واحد كان بيدق في راسي: لازم أهرب النهارده… لازم.
الصفحة الثالثة هي الأخطر… وبتكشف سر جده بالكامل
استعد للحقيقة اللي قلبت حياة إياد

تعليقات