قصة من شوية أمي جتلي وهي بتبكي بكاء شديد

قصة من شوية أمي جتلي وهي بتبكي بكاء شديد

في الليل، ولأول مرة، الأصوات بدأت أبكر من المعتاد، كأن اللي بيحصل تحت استعجل أو تضاعف. الأضواء الحمراء والبرتقالية كانت أقوى من كل ليلة، وكانت بتتسرّب من تحت الباب الخشب اللي في الصالة بشكل واضح. قلبي كان بينط من صدري وأنا شايف الظلال على الحيطان تتحرك كأن فيه أكتر من شخص… أو أكتر من كيان. الصوت اللي يشبه الخروف كان أعلى… أقرب للبكاء، وصوت الطفل رجع تاني، بس المرة دي كان واضح جدًا… صوت طفل بيتوسّل: “سيبوني…”

اللحظة دي كسرت كل خوف عندي، وخلّت فضولي — اللي دايمًا بيجيب لي المصايب — يغلبني. قررت أفتح الباب تاني بالطريقة اللي عملتها قبل كده. نفس الحركة: البطانية… القلم… المفتاح يقع… أسحب البطانية… أفتح الباب. وفعلاً نجحت. لكن جسمي كله كان بيرتعش وأنا بخطُ خطواتي الأولى برا الأوضة، وكل نور خافت في الصالة كان بيعلّي حجم الرعب جوايا أكتر.

قربت من الباب الخشب اللي جدي دايمًا بيقف عنده، وسمعت حاجة عمري ما هنسى صوتها… كان في صوت حد بيقرأ كلمات غريبة… دعاء؟ تعويذة؟ مش فاهم. لكن الصوت اللي بعدها كان مخيف أكتر… صوت حاجة بتتنفّس بصعوبة… كائن مش طفل ولا خروف. حسّيت برجلي بتتلج، ورقبتي بتقشعر من اللي بسمعه. مددت إيدي للمقبض، ولما لمسته، الباب اهتزّ كأنه اتخضّ، كأنه اللي وراه حسّ بيا.

رجعت لورا بسرعة، لكن لحظة واحدة وقفتني مكان: باب أوضة جدي اتفتح فجأة، وطلع منه ضوء شاحب، وعلى ضوء اللمبة شُفت ظله… ماشي ناحيتي. مشيت لورا وأنا مش قادر أتنفس، فضلت أرجع لحد ما ضهري خبط في باب الأوضة اللي تحت. جدي كان ماشي بخطوات بطيئة… لكن عينه كانت بتلمع بطريقة مش بشرية. قرب قوي، وقال بصوت منخفض يخوّف الحجر: “كنت فاكر إنك هتسمع الكلام… بس شكلك زي أبوك… فضولك هيموّتك.”

الصدمة ضربتني…
أبويا؟
يعني أبويا جه هنا قبل كده؟
يعني اللي بيحصل ده مش أول مرة؟

تجمدت في مكاني، وجدي قرب مني خطوة بخطوة، وقال كلمة واحدة خلت حلقي ينشف:
“الوقت جه.”