رجل يتوفى ويترك أمانة غريبة عند محاميه

رجل يتوفى ويترك أمانة غريبة عند محاميه

في اليوم التالي، التقى الأبناء بمندوب من نقابة المحامين بناءً على طلب البنك، مما زاد حيرتهم وتساؤلاتهم. جلس المندوب أمامهم وأخبرهم أن المحامي ترك ملفًا رسميًا لدى النقابة قبل وفاته بثمانية أشهر، يتضمن توضيحًا كاملاً للأمانة التي أوكلها إليه والدهم. لم يكن أحد يعلم بهذا الملف، لا الزوجة ولا الأبناء، لأن المحامي أراد ضمان حماية الأسرة حتى اللحظة الأخيرة من حياته. شعر الجميع بأن قلبهم يخفق بقوة، فوجود ملف ثانٍ يعني أن الحقيقة أكبر مما تخيلوا بكثير. طلب المندوب فتح الملف بحضور الجميع ليمنع أي التباس أو شك.

عندما فُتح الملف، ظهر ظرف مغلق وعليه عبارة بخط يد المحامي تقول “هذه ليست أموالكم فقط، بل مستقبل لأبنائكم أيضاً”. ارتجفت أيدي الإخوة وهم يحدقون في الكلمات التي بدت وكأنها رسالة من رجل عاش نزيهًا ومات صادقًا مثل والدهم. أخبرهم المندوب أن المحامي لم يستخدم قرشًا واحدًا من المال لحسابه، بل كان يسجل كل مصروف على الأولاد بدقة، ويستثمر الباقي في صندوق ادخار خاص باسم العائلة. المفاجأة لم تكن في وجود المال فقط، بل في طريقة إدارته التي حافظت على قيمته وزادته عبر السنوات. شعر الإخوة بأنهم أمام درس أخلاقي نادر في زمن قل فيه الوفاء.

أخذ المدير من البنك زمام الحديث ليكشف الجزء الأهم من الحقيقة المتعلقة بالأموال. قال إن والدهم أودع مبلغًا كبيرًا، لكنه لم يكن مجرد حساب توفير، بل محفظة استثمارية متدرجة تضاعفت قيمتها خلال عشرين سنة. المحامي بدوره لم يكتفِ بالحفاظ على الأصل، بل كان يضيف من أرباحه الشخصية مبالغ صغيرة اعتبرها رد جميل للرجل الذي وثق به. كانت هذه التفاصيل أكبر من أن تُستوعب في لحظة واحدة، وبدأت الدموع تنزل على وجوه بعض الأبناء دون إرادة. كانوا يشعرون بمزيج من الامتنان والصدمة والفقد الجديد للمحامي.

قبل أن يكملوا قراءة محتوى الظرف، توقفت الإجراءات لسبب لم يتوقعوه إطلاقًا. إذ دخل موظف من قسم التدقيق المالي يحمل ورقة قرأها بصوت منخفض على المدير، فتغيّر وجه المدير فورًا. أخبر الإخوة أن هناك شيئًا مهمًا ظهر في سجل الحساب قبل وفاة المحامي بأيام قليلة. هذه المعلومة قد تغيّر مسار القضية بالكامل، وقد لا يكون المال هو المفاجأة الوحيدة الموجودة. كان الجو في الغرفة مشحونًا لدرجة أن أحد الأبناء أحس بأن قدميه لم تعد قادرتين على الوقوف. رفع المدير رأسه وقال إن الملف بحاجة لإعادة فحص فوري.

لكن الصدمة الحقيقية… كانت في المبلغ الذي اكتشفوه أخيرًا.
رقم لم يخطر ببال أحد، ولا حتى المحامي نفسه. في الصفحة الثالثة…