قصة كان زوجي يأخذ الأطفال دائما إلى منزل جدتهم
كانت الكلمات المكتوبة داخل الورقة بسيطة لكنها مرعبة في معناها: “ماما… إذا شفتي الورقة دي، يبقى بابا مش رايح عند جدتنا. هو بياخدنا مكان تاني. ما تقدريش تعرفي… بس لازم تجي بسرعة”. تجمّدت أمينة في مكانها وهي تحاول فهم الرسالة، فخط آنا المرتب تحول فجأة إلى حروف مضطربة وكأن طفلة صغيرة كانت تكتب وهي ترتجف. هذا وحده كان يكفي ليقلب قلب أي أم، فكيف إذا كان المتهم زوجها الذي عاشرته سنوات؟ شعرت أمينة بأن الأرض تحت قدميها لم تعد ثابتة.
وضعت الورقة في حقيبتها وانطلقت تفتش المنزل غرفة غرفة، تبحث عن أي دليل يفسّر ما كان يحدث. لكن كل شيء كان مرتبًا أكثر من اللازم، كأن أحدهم حرص على مسح كل أثر. دخلت غرفة الجدّة أخيرًا، وهناك وجدت شيئًا آخر أثار شكوكها: سرير غير مرتب، وبجانبه حقيبة مفتوحة مليئة بثياب أطفال وألعاب صغيرة وكأنها تجهيزات لرحلة. لم يُخبرها أحد عن أي رحلة، ولم تكن حماتها في وضع يسمح بالسفر أصلًا. عند هذه النقطة، بدأت أمينة تشعر بأن الأمر ليس مجرد كذبة… بل مخطط طويل.
وقفت أمام الخزانة الخشبية الكبيرة، وترددت قليلًا قبل أن تفتحها. لكنها عندما فعلت، سقطت على الأرض دفتر صغير من الرف العلوي. التقطته بيد مرتجفة وفتحته عشوائيًا، لتجد أن الصفحات مليئة بملاحظات مكتوبة بخط زوجها. كانت تواريخ ومواعيد وأسماء أماكن لم تسمع بها من قبل. بعضها بدا كأنه عناوين، وبعضها كأنه نقاط لقاء. لم تفهم شيئًا في البداية، لكن ما شد انتباهها هو تكرار جملة واحدة في كل صفحة تقريبًا: “يوم السبت… الخطة تمشي مثل ما نريد”.
اقتربت من النافذة، تحاول تهدئة نفسها وهي تقرأ التواريخ مرة أخرى. كل سبت خلال الأشهر الماضية كان مذكورًا في الدفتر. لم تستطع تجاهل شعور الرعب الذي بدأ يسيطر على جسدها كله. هل كان ميخائيل يخدعها طوال هذا الوقت؟ هل كانت حماتها تعلم؟ وهل كان أطفالها في خطر حقيقي طوال تلك الأشهر؟ كانت تشعر بالدوار، كأن العالم من حولها ينهار، لكنها لم تكن تسمح لنفسها بالسقوط. ليس الآن. ليس قبل أن تجد أطفالها.
أغلقت الدفتر بقوة ووضعت يدها على قلبها وهي تلتقط أنفاسها. نظرت إلى الساعة لتكتشف أن الوقت مرّ بسرعة، وأن ميخائيل لم يعدّ يتصل ولم يرسل أي رسالة. هذا وحده كان مؤشرًا خطيرًا. أمسكت هاتفها وحاولت الاتصال بآنا… لا رد. حاولت الاتصال بفانيا… الهاتف مغلق. وأخيرًا اتصلت بميخائيل لكنه أيضًا لم يجب. في تلك اللحظة، أصبح الخوف يقينًا داخلها، ولم تعد قادرة على إنكار الحقيقة التي كانت تخشاها طوال الأسابيع الماضية.
الصفحة الثالثة تحمل الصدمة الأكبر وحقيقة خطيرة لم تتوقعها أمينة.. في الصفحة الثالثة…

تعليقات