قصة كان زوجي يأخذ الأطفال دائما إلى منزل جدتهم
قررت أمينة العودة إلى المنزل، علّها تجد شيئًا يدلها على مكانهم. طوال الطريق كانت تقود بسرعة، وعقلها يغلي بالأسئلة. عندما فتحت باب البيت، توقفت فجأة، لأن شيئًا ما كان مختلفًا. رائحة عطر ميخائيل كانت واضحة في الممر، كأنه كان هنا قبل دقائق. تقدمت خطوة بخطوة حتى وصلت إلى غرفة الجلوس، وهناك رأت شيئًا جعل قدميها تضعفان: حقيبة ميخائيل السوداء على الطاولة، مفتوحة، وبداخلها مستندات غريبة وأظرف بيضاء مغلقة تحمل توقيعًا رسميًا لا تعرفه.
جلست على الأريكة وبدأت تسحب الأوراق واحدة تلو الأخرى. كانت هناك إيصالات تحويلات مالية كبيرة باسم أشخاص لم تسمع بهم من قبل، بالإضافة إلى عقود إيجار أماكن بعيدة عن المدينة. لكن الورقة التي حطمتها تمامًا كانت رسالة قصيرة بخط يد زوجها، تقول: “إذا اكتشفت أمينة شيئًا قبل الوقت، خذوا الأطفال فورًا إلى المكان المتفق عليه… ولا تسمحوا لها بالاقتراب”. قرأت الرسالة مرارًا وتكرارًا وهي تشعر أن الهواء يختفي من الغرفة. من هم “هم”؟ ولماذا هناك خطة تشمل إبعاد الأطفال عنها؟
رفعت رأسها فجأة عندما سمعت صوتًا في الممر، وبرودة شديدة سرت في جسدها. خطوات بطيئة… منتظمة… تتجه نحو غرفة الجلوس. حاولت الوقوف لكن قدميها كانتا مرتجفتين. ظهر ميخائيل عند الباب، لا يحمل الأطفال معه، ولا ابتسامته المعتادة، بل وجه جامد وعينان لا تشبهان الرجل الذي عرفته. وقف ينظر إليها دون كلمة، وكأن شيئًا ثقيلًا يضغط على صدره. لثوانٍ طويلة، لم يتحدث أي منهما، ثم اقترب خطوة واحدة فقط، وقال بصوت منخفض جعل قلبها يتجمد. “كان المفروض ما توصلي لهون يا أمينة.”
تراجعت خطوة وهي تشعر أن الحقيقة باتت على بعد كلمة واحدة منه. سألت بصوت متقطع عن الأطفال، لكنه لم يجب. بدلاً من ذلك، وضع الحقيبة على الطاولة وأغلقها ببطء، ثم نظر إليها نظرة لم تستطع تفسيرها. كان فيها حزن… وخوف… واعتراف لا يريد قوله. في تلك اللحظة أدركت أمينة أن ما يحدث أكبر بكثير مما تخيلته، وأن زوجها يخفي شيئًا خطيرًا قد يغيّر حياتهم جميعًا.
اقتربت منه وهي بالكاد تقف على قدميها، وقالت له للمرة الأخيرة: “أرجوك… فين أولادي؟”. تنهد ميخائيل بعمق، وكأنه يحمل سرًا أثقل من أن يُحمل، ثم همس بالكلمات التي أسقطت كل ما تبقى من قوتها: “أولادك بأمان… بس مش معايا.”
وهنا، بدأت الحقيقة المروعة تتكشف أخيرًا، ووجدت أمينة نفسها أمام الصدمة التي لم تكن مستعدة لها… وأمام بداية فصل جديد من الظلام لم تعرف كيف ستخرج منه.

تعليقات