قصة رأت كلير فتىً هزيلًا واقفًا عند بوابة القصر
ابتعد ويليام خطوة إلى الخلف، كأنه يحتاج مساحة لالتقاط أنفاسه. وضع يده على الطاولة، واستند إليها بصمت طويل يوشك أن ينفجر. شعرت كلير أنه يحاول السيطرة على نفسه، كأن شيئًا ضخمًا يتصارع داخله. وقال أخيرًا بصوت متماسك: “أمه ماتت… منذ سبعة أعوام.” رفعت كلير حاجبيها بدهشة؛ عمر الطفل يقارب السبع سنوات. إذا كان ما يقوله صحيحًا، فهذا يعني أن زوجة ويليام الراحلة ماتت وهي تحمل سرًا لم يكشفه لأحد. استدار نحو كلير فجأة، ونبرة حادة اخترقت المطبخ: “لم يكن أحد يجب أن يعلم بوجوده.”
شعرت كلير بوخزة باردة في قلبها. إذا كان ويليام يخفي وجود الطفل طوال السنوات الماضية، فهذا يعني أن الطفل عاش كل ذاك الوقت بلا حماية، بلا بيت، بلا دفء… لكن لماذا؟ لم تجرؤ على سؤاله، لكن عينيها كانتا تطرحان كل الأسئلة التي لم تستطع شفاهها نطقها. جلس ويليام على الكرسي المقابل للطفل، وضع مرفقيه على ركبتيه وانحنى بجسده للأمام، كأنه يقترب من الحقيقة التي ظل يهرب منها. قال ببطء: “اسمه آدم.” عند سماع الاسم، ارتجف الطفل مرة أخرى، وكأن ذكراه تحمل ألمًا أكثر مما تحمل معنى.
حاولت كلير الاقتراب بخطوات خفيفة، ووضعت يدها على كتف الطفل بحنان خافت. لكنه لم ينظر إليها؛ كان تركيزه كله على الرجل الذي أمامه، الرجل الذي يعرفه… ويخشاه… ويتعلق به في الوقت نفسه. بدا آدم كأنه يقاتل داخله بين حاجته إلى الاعتراف وبين خوفه من الكلام. وأخيرًا، بعد صمت طويل، رفع الطفل إصبعه الصغير وأشار إلى الجانب الأيسر من رقبته، حيث يظهر أثر جرح قديم. اتسعت عينا ويليام فجأة، وزفير قوي خرج من صدره، زفير رجل يتعرف على شيء لا يريد تذكّره.
جلست كلير على الكرسي الآخر وهي تراقب المشهد، وقلبها يخفق كأنها هي من يحمل سرًا مخيفًا. سألت بهدوء: “ما قصة الجرح؟” لم يجب ويليام. لم يجب آدم. لكن شيئًا في الهواء تغيّر، شيء جعل كلير تدرك أن القصة لا تتعلق فقط بطفل ضائع أو أب مذنب. هناك أحد آخر في الصورة… شخص لم يُذكر بعد. وعندما رفعت عينها نحو ويليام مرة أخرى، لاحظت في عينيه شرارة خوف لم ترها سابقًا، خوفًا لا يشعر به إلا رجل يعلم أن الماضي قد عاد ليطالب بحكمه.
الصفحة الثالثة تكشف سر الجرح ومن الذي كان يلاحق الطفل حتى بوابة القصر

تعليقات