قصّة مصريّة حقيقية واحد راجل غني عنده مشاكل

قصّة مصريّة حقيقية واحد راجل غني عنده مشاكل

جلس الغني على الحصيرة الخشنة في بيت الفلاح، صدره يعلو ويهبط من أثر الألم، بينما عيناه تتابعان الفلاح الذي وقف طوال الليل يدعو له بصدق لا يعرف الزيف. شَعَر الغني أن هذا الرجل البسيط يملك شيئًا نادرًا، شيئًا لم يستطع المال ولا المستشفيات ولا العمليات أن يمنحه له مهما تكررت. كان الفلاح يرفع يديه إلى السماء بقلب طفل، ويقول كلمات لم يسمعها الغني من قبل، كلمات خرجت من أعماق روح تعرف الفقد وتعرف المعنى.

راقب الغني المشهد بصمت. لم يفهم لماذا يتأثر به إلى هذا الحد، ربما لأن حياته رغم ثرائها كانت خالية، باردة، خالية من الدفء الذي شعر به في هذا البيت الطيني. كان الفلاح يقف على سجادة ممزقة، ويقرأ الأدعية بصوت خافت، وكأنه يناجي الله بمفتاح لا يعرفه سواه. وحين انتهى من قيام الليل وجلس يستريح، لم يستطع الغني أن يمنع نفسه من السؤال. كان الفضول يمزّق صدره. اقترب منه وقال بصوت ضعيف: “أنا سمعتك طول الليل… بتقول بحق المعزة. يعني إيه بحق المعزة؟”

نظر الفلاح إليه نظرة طويلة، فيها صدق ووجع وشيء يشبه التردد. لم يتوقع الغني أن يجد في عيني رجل بسيط هذا العمق كله. لكن الفلاح تنفّس ببطء، ومسح على لحيته وقال: “دي خبيئة ما كنتش ناوي أقولها لحد… بس يمكن ربنا جابك هنا عشان تسمعها.”

شعر الغني بقشعريرة تمتد في جسده. لأول مرة منذ سنوات، كان منتبهًا… حيًا… حاضرًا. جلس أمام الفلاح كأنه طفل ينتظر قصة فاصل أخير، قصة يمكن أن تعطي معنى لكل هذا الألم. ابتسم الفلاح ابتسامة حزينة، ثم قال بصوت خافت: “كل حاجة بدأت يوم ما كنت أب…” كان الغني يحدق فيه، منتظرًا الكلمة التالية وكأن نفسه معلّق بها.

كانت كلمة “أب” تحمل مأساة لم يتوقع الغني أن يسمعها.
وكانت البداية فقط لقصة لم تُروَ من قبل. في الصفحة الثانية…