قصّة مصريّة حقيقية واحد راجل غني عنده مشاكل
مسح الفلاح دمعة صغيرة لم ينتبه لها إلا الغني، ثم قال: “كان عندي بنت… اسمها زينب. كانت ريحة البيت وضحكته. كانت لما تضحك، تحسسني إن الدنيا كلها بتضحك.” سكت قليلًا وكأنه يؤلم قلبه بذكرى لا تزال حية، ثم تابع: “في يوم من الأيام، زينب تعبت… تعب غريب. سخونة ما بتنزلش، وجسمها بيضعف قدامي وأنا عاجز.”
كان الغني منكمشًا في مكانه، يشعر بالألم يلتف حول قلبه. أكمل الفلاح: “الدكتور قال لازم دواء غالي. غالي لدرجة إنه أكبر من رزقي كله. وأنا كان عندي معزة… المعزة دي مش بس كانت مصدر رزقي، كانت كل حاجة ليا. كانت تعيش معانا في الدار وتلعّب زينب، وكانت تحبها أكتر مني.” تنهد بعمق ثم قال: “بعت المعزة… بعتها وأنا قلبي بيتقطع. كنت حاسس إني بقطع جزء مني. بس قلت: البنت أولى. الفلوس رجعت بيها أجري على البيت… لقيت زينب راحت لربها قبل ما أوصل.”
ساد صمت ثقيل جدًا. الغني لم يستطع رفع عينيه. شعر أن صدره يضيق وأن الألم يعود بقوة أكبر من ألم المرض. لم يكن يتخيل أن جملة بسيطة مثل “بحق المعزة” تحمل خلفها قصة فقد كهذه. أكمل الفلاح: “من ساعتها… صرت أدعي بحق المعزة. مش علشان المعزة… لكن علشان اللحظة اللي فقدت فيها زينب. هي خبيئتي… الدعوة اللي مفيش حد يعرفها غيري وربنا.”
رفع الغني رأسه ببطء، وعيونه ممتلئة بدمع لم يسقط بعد. كان يشعر أن قلبه يتغير، أن الحياة تضعه أمام مرآة لم يجرؤ يومًا أن ينظر إليها. سأل بصوت مكسور: “ولسه… لسه بتدعي بيها لحد دلوقتي؟”ابتسم الفلاح وقال: “لأنها أغلى حاجة قدمتها في حياتي… وربنا بيحب الدعوات اللي خارجا من وجع حقيقي.”
لكن الغني لم يكن يعلم أن الفلاح يخفي شيئًا آخر.
شيئًا لو عرفه قبل سنوات… كان سيغير حياته كلها… في الصفحة الثالثة…

تعليقات