قصّة مصريّة حقيقية واحد راجل غني عنده مشاكل
ساد هدوء غريب في الغرفة، وكأن الهواء نفسه توقف ليستمع لما سيأتي. الفلاح نظر للغني نظرة عميقة وقال له: “بس في حاجة… ما قلتهاش لحد قبل النهارده.” هز الغني رأسه دون كلام، ينتظر ما سيقال وهو يشعر بأن قلبه صار هشًا كزجاج رقيق.
تنفّس الفلاح وقال: “بعد ما زينب ماتت… فضلت فترة متلخبط. كنت كل يوم أفتح الباب وأستنى صوتها. وبعدين… في ليلة من الليالي، وأنا نايم، حلمت بيها.”
تجمّد الغني. لم يكن يتوقع أن القصة ستصل إلى هذا العمق. أكمل الفلاح: “كانت بتضحك… نفس ضحكتها. قربت مني وقالت لي: يا بابا، ما تبصش للي أخده ربنا… ابصّ للي هيدهولك. وقالت حاجة عمري ما نسيتها: ساعد اللي محتاج، حتى لو كان أغنى واحد في الدنيا.”
أحس الغني أن الدم جفّ في عروقه. لم يعرف لماذا يشعر بأن الكلام موجَّه له شخصيًا، كأن زينب كانت تخاطبه هو لا الفلاح. شعر أنه هو أيضًا كان ينتظر من يساعده، رغم كل الملايين التي يملكها. أكمل الفلاح: “علشان كده… لما شفتك واقف لوحدك، عينك فيها حيرة ووجع، كان لازم أساعدك. مش علشان الأكل… ولا علشان أنا طيب. علشان بنتي… وصيتها لسه عايشة.”
هنا أغمض الغني عينيه، وشهق دون أن يشعر. لأول مرة منذ سنوات، سالت دمعة من عينه. لم يستطع حبسها. مسحها سريعًا، لكنه لم يتمكن من إخفاء ارتجاف صوته وهو يقول: “أنا… يمكن محتاجك أكتر ما أنت متخيل.” اقترب الفلاح منه وربت على كتفه وقال: “ربنا كبير… وبيبعث الرسائل في وقتها.”
فتح الغني عينيه، وشعر لأول مرة أن حياته ممكن تبدأ من جديد. وقف ببطء وقال: “أنا لازم أعمل حاجة… حاجة كبيرة. يمكن دي تكون أول مرة أحس إني بني آدم بجد.” ثم ابتسم الفلاح ابتسامة مطمئنة، وكأن زينب ابتسمت معه.

تعليقات