قصة زهق من المشاكل… وبعد 20 سنة زواج، قرر يبعد
في اليوم الخامس عشر، حين رفعها بين ذراعيه، لم تتشبث برقبته كما كانت تفعل. كانت يداها مرتخيتين، وكأن جسدها تعب من المقاومة. شعر بشيء يشبه الرعب يزحف في صدره، لكنه حاول أن يخفي اضطرابه وهو يمشي بها إلى الغرفة. وحين وضعها على السرير، جلس بجانبها لأول مرة دون أن يفكر في المغادرة. كانت تنظر إلى السقف بعينين غريبتين، عينان لا تبحثان عنه بل تبحثان عن شيء أبعد منه بكثير.
قال لها بصوت حاول جاهدًا إخفاء ارتعاشه: “إنتِ كويسة؟”
ابتسمت تلك الابتسامة التي كان يحبها بلا أن يدري، ثم قالت: “كويسة… يمكن أحسن من زمان.”
لكن صوتها كان ينفي كل ما قالته. كانت نبرة ضعيفة، واهنة، تشبه نسمة خفيفة تتحرك قبل أن تختفي بلا أثر. حاول أن يضغط عليها أكثر، لكنه وجد نفسه يخاف من الإجابة. لأول مرة خاف أن يسمع الحقيقة.
مرّ الوقت ببطء، وهو جالس بجانبها يراقب تفاصيل وجهها الذي صار شفافًا كأنه يُضاء من الداخل. شعر أنها تتلاشى أمامه، تتبخر مثل ذكرى كان يظن أنها ثابتة. وعندما مدّ يده ليلمس أصابعها، وجدها باردة قليلًا، لكن ابتسامتها لم تتغير. قالت: “عارفة إنك مش فاهم… بس هتفهم.” ثم أغلقت عينيها لتريح جسدها المنهك، تاركة وراءها سؤالًا يتردد في الغرفة مثل صدى لا ينتهي.
خرج من الغرفة بعد ساعة وهو يشعر أن شيئًا ضخمًا يقترب. شيء كان يجب أن يراه منذ سنوات لكنه تجاهله عمدًا. وفي الأيام التالية، صار يلاحظ أن ملابسها أصبحت واسعة عليها، وأن خطواتها تتباطأ، وأن صوتها حين تنادي أولادها صار أخفض من العادة. كان ينظر إليها وكأنه يراها لأول مرة، يرى بحّ صوتها حين تضحك، وانطفاء نور خفيف في عينها، وتغيّرات ما كانت لتفوت شخصًا يحبها… لو كان منتبهًا.
وفي اليوم الأخير من الشهر… كشفَت الحقيقة.
الحقيقة التي كسرت قلبه وقلب أولاده في لحظة واحدة… في الصفحة الثانية…

تعليقات