عاد الأب الثري ليجد خادمة بيته تحمي ابنته الكفيفة بجسدها… والحقيقة التي اكتشفها بعد ذلك كسرت قلبه

عاد الأب الثري ليجد خادمة بيته تحمي ابنته الكفيفة بجسدها… والحقيقة التي اكتشفها بعد ذلك كسرت قلبه

عاد أبٌ ثريّ إلى منزله ليجد خادمة بيته تحمي ابنته الكفيفة بجسدها… والحقيقة التي اكتشفها بعدها صدمته بعمق.

كان إدوارد لانغستون قد بنى ثروته على الدقّة؛ على الأرقام، والصفقات، وكل ما يتصرّف على نحوٍ متوقّع متى ما ضغط عليه بقوة كافية. لم يكن في حياته شيء خارج مكانه. كل تفصيلة محسوبة، وكل خطوة مدروسة، وكل فوضى محتملة كانت تُقمع قبل أن تولد.

منزله، وهو قصر فخم يطلّ على نهر هدسون، كان يُدار بكفاءةٍ أشبه بالكفاءة العسكرية، ويعود الفضل في ذلك بدرجةٍ كبيرة إلى خادمة بيته، ماريا ألفاريز، التي وثق بها ثقةً مطلقة لتفرض النظام في كل زاويةٍ من زوايا البيت التي نادرًا ما وجد وقتًا ليطأها بنفسه.

لكن، رغم كل ذلك، لم تكن حياة إدوارد خالية من العيوب.

كانت هناك استثناءات…
تشقّقات صغيرة في ذلك البناء المثالي الذي أمضى سنوات في تشييده بعناية.

إحدى تلك التشقّقات كانت ابنته الوحيدة… ليلي.

فقدت ليلي بصرها في سن السادسة بعد إصابتها بمرضٍ نادر من أمراض المناعة الذاتية، خلّف تلفًا دائمًا في أعصابها البصرية لا أمل في علاجه. إدوارد، المشلول بالذنب والعاجز عن تحمّل شعوره بالعجز، اندفع أعمق في العمل. حرص على أن تحصل على أفضل الأطباء، وأرقى المدارس، وأحدث التقنيات، وكل ما يمكن للمال أن يشتريه… باستثناء شيء واحد: الوقت.
واستثناء آخر: الحضور.

ماريا، التي جرى توظيفها بعد فترة قصيرة من تشخيص حالة ليلي، ملأت ذلك الفراغ بهدوءٍ وحنانٍ مالت إليه ليلي كما يميل الجسد إلى ضوء الشمس. وإدوارد سمح بحدوث ذلك، مقنعًا نفسه أنه أمر مؤقت. ضروري. عملي.

لكنه، رغم ذلك، ظلّ يفوّت أشياء كثيرة.
أشياء كبيرة.

وكان على وشك أن يدرك حجمها الحقيقي.

في تلك الليلة، كان الوقت يقترب من الحادية عشرة مساءً عندما انزلقت سيارة إدوارد السوداء رباعية الدفع على طول الممرّ المؤدي إلى المنزل. لم يكن من المفترض أن يعود بعد؛ فقد امتدّت رحلته التجارية إلى شيكاغو أكثر من المتوقع. لكن شيئًا ما ظلّ ينهشه طوال اليوم، إحساسٌ غامض لم يستطع تجاهله، فأمر سائقه بالعودة مباشرة إلى نيويورك.

وحين اقترب من الباب الأمامي، رأى ما جعله يتجمّد في مكانه.

كانت أضواء غرفة ليلي مضاءة.

لم يكن ذلك غريبًا…
لكن الظلال التي تتحرّك داخل الغرفة كانت كذلك.

ثم سمع أصواتًا مرتفعة، كان أحدها بلا شك صوت ماريا، حادًّا، حاميًا، على نحوٍ لم يسمعه منها طوال خمسة عشر عامًا من خدمتها.

اندفع إلى الداخل.

وما رآه في غرفة ليلي أصابه كضربةٍ جسدية مباشرة.

كانت ماريا تقف أمام ليلي، تحميها بجسدها، ذراعاها ممدودتان، ترتجفان لكنهما ثابتتان. وكانت ليلي متشبّثة بظهر قميص ماريا، وعيناها الكفيفتان متّسعتين من الخوف والحيرة.

وعلى بُعد خطوات قليلة منهما، وقف رجل لم يره إدوارد من قبل. في أوائل الأربعينيات من عمره، نحيلًا، مشدود الأعصاب كوترٍ على وشك الانقطاع.
وفي يده…

سكين.

تجمّد إدوارد في مكانه.

لكن ماريا لم تتجمّد.

قالت بحدّة موجّهة حديثها إلى الدخيل:
«لا تقترب خطوة أخرى. لن تلمسها ما دمتُ على قيد الحياة».

زمجر الرجل قائلًا:
«تنحّي جانبًا. هذا ليس شأنك».

كان قلب إدوارد يخفق بعنف.
صرخ: «من أنت؟ وماذا تريد من ابنتي؟»

استدار الرجل ببطء، وكأنه كان ينتظر هذا السؤال منذ زمن.
قال بصوتٍ منخفض متكسّر:
«حقًا لا تعلم… لا تعلم ما الذي فعلته».

كان اسمه توماس رورك.

وكان يحمل قصةً حطّمت كل القناعات التي بنى إدوارد حياته عليها.

قبل واحدٍ وعشرين عامًا، وقبل أن يتزوّج إدوارد بوالدة ليلي، كان مخطوبًا لامرأة تُدعى كارولاين رورك، شقيقة توماس الصغرى. كان يعتقد أنه أحبّها آنذاك. لكن حين بدأت أعماله تزدهر وتستنزف وقته، أجّل الزواج. مرة. ثم مرة أخرى. ثم إلى أجلٍ غير مسمّى.

تحطّمت كارولاين. شاهد توماس شقيقته تغرق في اكتئابٍ التهمها ببطء. توفّيت عن ستةٍ وعشرين عامًا إثر جرعة زائدة صُنّفت رسميًا على أنها حادث عرضي. لكن توماس لم يصدّق ذلك. كان يؤمن أن إدوارد تخلّى عنها، وتركها بلا دعم ولا أمل.

وكان يؤمن…
أن إدوارد قتلها.

فقضى سنواتٍ يراقبه، ويتتبّعه، وينتظر.

لكن ما جاء به إلى هذا البيت تلك الليلة لم يكن الانتقام وحده.

بل شائعة سمعها من أحد موظفي إدوارد السابقين الساخطين، تقول إن إدوارد يحتجز «فتاة عمياء» داخل قصره.

حوّل توماس هذه المعلومة إلى كابوس في ذهنه.

ظنّ أن ليلي ليست ابنته.
ظنّ أنها ضحية.
وظنّ أنه جاء لينقذها.

كانت ماريا قد ضبطته وهو يتسلّل من باب الفناء الخلفي. لم تكن تحمل سلاحًا، ولا تمتلك تدريبًا، ولا سببًا منطقيًا يجعلها تعتقد أنها قادرة على مواجهة رجلٍ لا يملك ما يخسره.

لكنها وقفت بينه وبين ليلي دون تردّد.

لاحقًا، حين أعاد إدوارد المشهد في ذهنه مرارًا، أكثر ما مزّقه هو أن ليلي تشبّثت بماريا… لا به.

همست ليلي بصوتٍ مرتجف:
«بابا؟ ماذا يحدث؟ لماذا يصرخ الجميع؟»

نظر توماس إليها، وتصدّع شيءٌ ما داخله. تهاوت القصة التي نسجها في ذهنه أمام صوتها البريء.

وفي تلك اللحظة، تحرّكت ماريا.

اندفعت فجأة، قبضت على يد توماس التي تحمل السكين، واستدارت بجسدها لتفقده توازنه. ارتطم الاثنان بالخزانة، وانزلقت السكين عبر الأرضية الخشبية.

استفاق إدوارد من صدمته، وانقضّ على توماس، مثبتًا إيّاه حتى وصلت الحراسة.

بعد دقائق، دوّت صفارات الشرطة.

اقتيد توماس وهو يصرخ باتهامات عن الماضي، وعن ديونٍ لا تسقط بالتقادم.

لكن إدوارد لم يكن ينظر إليه.

كان ينظر إلى ليلي…
المتشبّثة بماريا وكأنها ملاذها الوحيد في هذا العالم.

في تلك اللحظة، أدرك إدوارد حقيقةً لم يكن مستعدًا لها أبدًا…
حقيقة ستغيّر نظرته لابنته، ولماريا، ولنفسه إلى الأبد.

تابع قراءة القصة في الصفحة التالية (2)