خسر وظيفة أحلامه في دقائق… ثم اكتشف أن القدر كان يخطّط له لشيء أعظم
في صباحٍ استيقظ فيه إستيبان دي لا فيغا على رسالة بريد إلكتروني تفيد باختياره ضمن القائمة النهائية للمقابلة الأخيرة في شركة «تيكنوفا غلوبال»، شعر وكأن الكون قرر أخيرًا أن يمنحه فرصة طال انتظارها.
بعد سنواتٍ من دراسة هندسة الحاسوب ليلًا، والعمل نهارًا في مقهى إنترنت صغير، لم تكن هذه المقابلة مجرد فرصة عمل، بل كانت دليلًا على أن كل التضحيات التي قدّمها لم تذهب سدى.
كانت المقابلة في تمام الساعة الحادية عشرة صباحًا. وكعادته في الحرص، غادر إستيبان منزله قبل الموعد بساعتين كاملتين، مرتديًا بدلته الوحيدة التي كواها بعناية في الليلة السابقة. حمل معه سيرته الذاتية، وشهاداته، ودفترًا صغيرًا دوّن فيه إجاباتٍ تدرب عليها بخط يده.
وأثناء سيره نحو محطة المترو، كان يكرر في داخله:
«تستطيع فعلها. هذه المرة، كل شيء سينجح».
لكن القدر… كان قد كتب سيناريو مختلفًا تمامًا.
عند خروجه من محطة «كواترو كامينوس»، هبّت ريحٌ قوية كادت تطيّر أوراقه. أمسكها في اللحظة الأخيرة، وفي تلك اللحظة سمع صوتًا مكتومًا، يتبعه أنين خافت. التفت فرأى شابة تسقط على الرصيف، وقد خانها كاحلها، بينما كان المارة يواصلون طريقهم دون اكتراث.
تردد إستيبان ثانيةً واحدة فقط.
نظر إلى ساعته.
بقي أربعون دقيقة.
ثم انحنى بجانبها.
«هل أنتِ بخير؟»
رفعت رأسها. شعرها بنيٌّ فاتح، وعيناها واسعتان غمرهما الألم، وأغراضها مبعثرة على الأرض.
قالت بصوتٍ ضعيف:
«أظن أنني التويتُ كاحلي…»
حاولت الوقوف، لكنها سقطت من جديد.
ابتلع إستيبان ريقه.
لم يتبقَّ سوى خمسٍ وعشرين دقيقة.
لكن حين همست:
«آسفة لأنني أزعجتك…»
حدث شيء ما بداخله.
أعاد ساعته إلى جيبه.
«أنتِ لا تزعجينني. اتكئي عليّ، سأساعدك».
ساعدها على الجلوس على مقعد قريب، تفقد كاحلها، أوقف سيارة أجرة، واصطحبها إلى عيادة صغيرة قريبة. بقي معها أثناء الفحوصات، ولم يغادر حتى اطمأن أنها بخير.
وهناك، وقع ما كان يخشاه.
عشر مكالمات فائتة من شركة «تيكنوفا غلوبال».
ورسالة إلكترونية قصيرة:
«نظرًا لعدم حضوركم في الموعد المحدد، تم إغلاق طلب التوظيف».
انكسر قلب إستيبان في صمت.
سألته الفتاة بصوتٍ خافت:
«هل فاتك شيء مهم بسببي؟»
ابتسم ابتسامة متعبة وقال:
«كان هذا خياري. وسأفعله مجددًا لو عاد الزمن».
كان اسمها صوفيا.
وذلك كل ما كان يعرفه عنها.
بعد أسبوع، وبينما كان يعمل في نوبته المعتادة داخل مقهى الإنترنت، اهتز هاتفه.
«هل أنت إستيبان دي لا فيغا؟»
«نعم… أنا هو».
«المدير العام لشركة تيكنوفا غلوبال يرغب في مقابلتك غدًا في التاسعة صباحًا».
تجمّد إستيبان في مكانه.
المدير العام؟ ولماذا؟
في صباح اليوم التالي، وجد إستيبان نفسه في مكتبٍ فاخر في طابقٍ مرتفع، تحيط به نوافذ زجاجية تمتد من الأرض إلى السقف، وتكشف المدينة بأكملها كخريطةٍ حيّة تنبض تحت قدميه. كان المشهد مهيبًا، لكنه لم يكن مستعدًا لما هو أهم.
وهناك… رآها.
صوفيا.
جالسة بهدوء، يداها متشابكتان فوق ركبتيها، ونظرتها تحمل مزيجًا من الطمأنينة والترقّب. إلى جانبها جلس رجلٌ مسنّ، شعره فضيّ، وملامحه صارمة، ونظرته لا تخطئها عين؛ نظرة رجل اعتاد اتخاذ القرارات المصيرية دون تردد.
نهض الرجل بوقار، وتقدم خطوة واحدة، ثم قال بصوتٍ ثابت:
«أنا ليوبولدو مينديث، المدير التنفيذي لشركة تيكنوفا غلوبال… ووالد صوفيا».
في تلك اللحظة، شعر إستيبان وكأن الأرض تميد تحته. لم يكن يتوقع هذا الكشف، ولم يكن مستعدًا لربط كل الخيوط التي بدت فجأة واضحة أمامه. الفتاة التي ساعدها دون أن يسأل عن اسمها الكامل، دون أن يعرف من تكون، كانت ابنة الرجل الذي أغلق باب حلمه… وها هو الآن يفتحه من جديد.
⬅️ يتبع…
باقي القصة كاملة في الصفحة التالية رقم (2)
وما سيقوله المدير بعدها سيغيّر مستقبل إستيبان إلى الأبد

تعليقات