ابنتي همست: “هذا ليس صوت أبي”… وبعدها بدأت الكارثة!

ابنتي همست: “هذا ليس صوت أبي”… وبعدها بدأت الكارثة!

امتدّ الصوت في آخر الكلمة كأنها نغمة.
وقف شعر رقبتي.
لم يكن الأمر فيما قاله… بل فيما لم أسمعه.
لا مفاتيح. لا خطوات. لا تلك الوقفة الصغيرة بين «أنا» و«في البيت» التي يُسمَع فيها ابتسامه.
اجتاحت رأسي فجأةً كلُّ مقاطع الجرائم الحقيقية، وكلُّ نصائح السلامة التي قرأتها ليلًا وأنا أتصفّح بلا وعي.
إذا بدا شيءٌ ما خاطئًا، فتعامل معه على أنه كذلك.
أجبرتُ وجهي على الهدوء من أجل كلوي، بينما هوى قلبي.
قلت بهدوء: «حسنًا… إلى الخزانة».
تجعدت حاجباها: «حقًّا؟» كأنها توقّعت أن أطمئنها وأقول إن كل شيءٍ بخير.
قلت: «نعم. كان لديكِ شعور غريب. نحن نصغي للمشاعر الغريبة في هذا البيت، تذكرين؟ إنها مثل… حاسّة العنكبوت. هيا».

كان الفيلم لا يزال يعرض ألوانه على الطاولة بينما انزلقنا عن الأريكة. أمسكتُ وعاء الفشار قبل أن يسقط ووضعته بصمتٍ على السجادة.
جاء الطَّرق مجددًا، ثم صوت مقبض الباب وهو يهتزّ.
تجمّد دمي.
همستُ: «لقد أغلقته… أليس كذلك؟»
لم أكن متأكدة.
أدخلتُ كلوي إلى خزانة المعاطف في غرفة المعيشة، ذات الأبواب الخشبية ذات الشقوق المواجهة للمدخل. كانت رائحتها مزيجًا من منعم الأقمشة والغبار. معاطف شتوية لا نرتديها في تكساس لامست كتفيّ.
جلستُ على الأرض، وسحبتُ كلوي إلى حضني. تكوّرت، ركبتيها مرفوعتان، ويداها مشدودتان إلى قميصي.
أغلقتُ الباب تقريبًا، تاركة شقًّا صغيرًا أرى منه.
توقّف مقبض الباب عن الاهتزاز.
سكونٌ قصير.
ثم… طَقّة المفتاح في القفل.
انفتح الباب.
دخل رجل إلى الردهة.

حتى من زاويتنا المحدودة، وحتى مع الضوء الخلفي الذي أخفى ملامحه، كان واضحًا فورًا:
ليس مارك.
قريب في الطول ربما. كتفان عريضان تحت سترة داكنة. قبعة بيسبول منخفضة. لكن مارك لا يرتدي القبعات. كان يكره كيف تُسطّح شعره.
وكان هذا الرجل يتحرّك كمن يسيطر على المكان، لا كمن عاد للتو من أربع عشرة ساعة سفر.
أغلق الباب بحركةٍ متمرّسة، ووضع حقيبة صغيرة قرب الطاولة التي نضع عليها البريد عادة، ثم وقف لحظة يصغي.
قال باسمي، لا «حبيبتي» هذه المرة:
«هانّا؟»
ثم: «كلو-بير؟ أين فتياتي؟»
كان يقلّد دفء صوت مارك وإيقاعه.
لولا علمي بأن مارك في مطار يبعد مئات الأميال، ولولا شدّة كلوي لقميصي، ربما خرجتُ مبتسمة.
رنّ هاتفي في جيبي.
كان الصوت في ذلك الصمت كطلقة.

تناولتُه بيدين مرتجفتين، ونظرتُ إلى الشاشة.
مكالمة فيديو واردة: مارك.
ظهر في المعاينة الصغيرة سقف المطار المضيء، ووجهه، وحافة مقعد بلاستيكي.
مارك الحقيقي كان لا يزال في الطريق.
رفضتُ المكالمة ووضعتُ الهاتف على الصامت. شهقة كلوي ارتطمت بعنقي.
«ماما؟»
ألصقتُ خدّي بشعرها وهمست: «بابا يتصل من المطار. لهذا أعرف أن ذاك ليس هو».
سألت بجدّية طفولية: «هل هو عالق داخل الهاتف؟»
قلت: «نوعًا ما. عالق في المطار. لذلك نحن نختبئ».
اشتدّ تشبّثها.
همستُ: «اسمعيني. مهما حدث، ابقي صامتة. لقد أحسنتِ فعلًا حين أخبرتِني بشعورك. كنتِ شجاعة. الآن سنكون مثل الفئران».
أومأت بعينين واسعتين.
في غرفة المعيشة، كان الرجل يتقدّم. رأيتُ من خلال الشقّ ملامحه الجانبية: لحية خفيفة، فكّ حاد، أنف يبدو أنه كُسِر يومًا.

كان يمسح المكان بهدوءٍ مخيف.
لم يكن متوترًا. كان يعمل.
اختفى لحظةً في الممرّ.
استغللتُ الفرصة.
كتبتُ لمارك:
«هناك شخص في البيت ينتحل صوتك. نحن مختبئتان في خزانة غرفة المعيشة. لا تتصل. أرسل رسائل فقط».
ظهر الردّ فورًا.
«ماذا؟ هل تمزحين؟»
«لا أمزح. استخدم مفتاحًا. يقلّد صوتك. لديه حقيبة. اتصل بالشرطة فورًا».
توقّف لثوانٍ بدت دهورًا.
«أتصل الآن. لا تواجهِه. أحبّكِ. أحبّ كلوي».
ابتلعتُ غصّة.
أرسلتُ: «نحن نحبّك أيضًا».
فعّلتُ اختصار الطوارئ في الهاتف.
في الممرّ، صرير باب. غرفتي. صوت معدن. أدراج تُفتح وتُغلق. كان يتحرّك بسرعة، لكن بانتقاء.
لم يكن يعبث.
دخل المطبخ. فتح درج الخردة. سحب صندوق القفل الصغير المخبّأ أسفله.
أخرجه خلال ثوانٍ.
أوراقنا. جوازات السفر. شهادة ميلاد كلوي.
الهويّة.
ثم عاد إلى غرفة المعيشة.
قال بصوته المزيّف المرح:
«فتيات؟ هذا ليس لطيفًا. تختبئن من أبيكن؟ ستجرحن مشاعري».
ضحك.
تقدّم نحو الخزانة.
توقّف.
عاد بنظره.
مال رأسه.
لقد سمع شيئًا.
اقترب.
مدّ يده إلى المقبض.
صرخت الشرطة.
تجمّد.
ثم ركض.
دُفع الباب. اقتحم الضباط المنزل.
خرجنا من الخزانة.
بكيت.
نجونا.
ولم أنسَ أبدًا أن ابنتي ذات الستّ سنوات أنقذت حياتنا… فقط لأنها أصغت إلى شعورٍ صغير، ولم تسكت.