طلبت “فرصة واحدة” فقط… وعزفها جعل الأسطورة لورنس كارتر يبكي أمام الكاميرات!
كانت فتاةٌ شديدة النحول، مشرّدة الملامح، تُساق نحو خارج قاعة حفلٍ خيريّ فاخر على يد حارسين من الأمن. وبينما كانت تمرّ، التفتت إلى البيانو وصاحت بصوتٍ مسموع:
«هل أستطيع أن أعزف على البيانو مقابل طبقٍ من الطعام؟»
تقدّم ضيف الشرف، عازف البيانو الأسطوري لورنس كارتر، ودفع الحارسين جانبًا وقال بحزم:
«دعوها تعزف.»
ما حدث بعد ذلك أدخل القاعة كلّها في صمتٍ مطبق.
كان الحفل السنوي لمؤسسة «فرص الشباب» أكثر مناسبات الموسم في لوس أنجلوس بهرجةً—وأكثرها اختناقًا. كلّ شيءٍ كان يلمع في قاعة بيفرلي ويلشير: الثريّات الكريستالية، فساتين المصمّمين، والمجوهرات التي تفوق قيمتها شققًا كاملة في وسط المدينة.
وسط هذا الاستعراض الفاخر، كانت سيّدة المشهد بلا منازع: السيدة إليانور دافنبورت. «محسنة العام»، ملكة أغلفة المجلات، بابتسامةٍ متقنة ونظرةٍ باردة.
كانت تتنقّل بين الطاولات كإمبراطورة المدينة، متوشّحةً حريرًا مفصّلًا خصيصًا لها، وماسًا موروثًا. كلّ إيماءة محسوبة، وكلّ ضحكةٍ متدرّبة.
الموسيقى الخلفية، همس الأثرياء المهذّب، رنين كؤوس الشمبانيا… كلّ شيءٍ يسير وفق تناغمٍ مثالي، إلى أن شقّ اضطرابٌ عند المدخل الأجواء كالسّكين.
كانت فتاة، في نحو الثانية عشرة من عمرها، قد نجحت في التسلّل بين الحراس والحبل المخملي. بدت نقيضًا صارخًا لكلّ ما حولها: سترةٌ واسعة فيها ثقب عند المرفق، بنطالٌ متّسخ، حذاءان مرقّعان بشريطٍ رمادي.
كان وجهها مغبرًّا، وجسدها أنحل من سنّها بكثير. بدت جائعة، لكن في عينيها شيءٌ أقوى من الجوع: عزيمةٌ متّقدة.
كانت إليانور أوّل من اعترضها. تجمّدت ابتسامة المضيفة على وجهها وتحولت إلى خطٍّ قاسٍ.
قالت بصوتٍ منخفضٍ حادّ سُمِع في أرجاء القاعة:
«لا مكان لكِ هنا، يا فتاة. هذا حدثٌ خاص، وليس مأوى. أنتِ تتعدّين.»
وبحركةٍ خفيفة من يدها، استدعت الأمن. تقدّم حارسان ضخمان بملامح منزعجة. وحولهم، أطلق بعض الضيوف ضحكاتٍ قاسية، يراقبون الفتاة كما لو كانت نكتةً سيئة في أمسيةٍ مثالية.
لكن الفتاة لم تتراجع. رفعت ذقنها، ووقفت مستقيمة تحت ضوء الثريّا الكبرى، ونظرت مباشرةً في عيني أقوى امرأة في المكان.
قالت بصوتٍ صافٍ اخترق الهمس:
«جئتُ لأعزف على البيانو. سأعزف لحنًا… لحنًا لن تنسوه أبدًا.»
كان الحارسان قد أمسكَا بذراعيها حين أوقف الجميع صوتٌ هادئ، غير مرتفع:
«توقّفوا.»
نهض لورنس كارتر، عازف البيانو الأسطوري وضيف الشرف لتلك الليلة. كان من أولئك الذين نادرًا ما يظهرون علنًا، عبقريًّا يتوسّل الجميع سماعه. تقدّم نحو الجمع بفضولٍ مهني، لا بدافع الشفقة.
قال مبتسمًا ابتسامةً خفيفة:
«سيدة دافنبورت، إن لم أكن مخطئًا، فموضوع الليلة هو “فرص الشباب”. قضية نبيلة، أليس كذلك؟»
تبادلت في القاعة نظراتٌ قلقة.
وتابع:
«لِمَ لا نضع كلماتنا موضع التطبيق، ولو للحظة؟ لنمنح هذه الشابة فرصة. دعوها تعزف مقطوعةً واحدة فقط.»
شعرت إليانور بلسعة الفخّ: صورتها العامة. أمام هذا العدد من المتبرّعين والمصوّرين والصحفيين، سيكون رفض “فرصة” لفتاةٍ شابة انتحارًا اجتماعيًا. أجبرت ابتسامةً قاسية على وجهها.
قالت:
«بالطبع، يا لورنس. ما… ألطفك.»
ثم التفتت نحو المنصّة حيث كان بيانو ستاينواي الكبير يلمع تحت الأضواء.
وقالت للفتاة، تقطر الكلمة سمًّا:
«المنصّة لكِ، يا عزيزتي. أدهشينا.»
في ذهنها، كانت تتخيّل المشهد مسبقًا: فتاة صغيرة تضرب المفاتيح بنشاز، تثير الضحك. مادةً مثالية لثرثرة الغد.
لم يسأل أحدٌ عن اسمها. اتجهت الفتاة نحو المنصّة تحت سيلٍ من التحديق والهواتف المرفوعة، المستعدّة لتسجيل فشلها. جلست على المقعد المصقول؛ كانت قدماها بالكاد تبلغان الدوّاسات النحاسية.
وضعت أصابعها الصغيرة المتّسخة على بحر المفاتيح العاجية. أغمضت عينيها لثوانٍ، أخذت نفسًا عميقًا… ثم بدأت تعزف.
ما انساب من البيانو لم يكن نشيدًا طفوليًا ولا تمرينًا مرتبكًا. كان لحنًا معقّدًا، جميل الانكسار، يحمل حزنًا عتيقًا بدا أكبر من أن يخرج من طفلة.
كان تهويدة، لكن ليست من تلك الحلوة البسيطة. كانت تهويدةً داكنة متشابكة، أوتارها تعقد الصدر، ويدها اليسرى الكئيبة تحمل حزنًا يكاد يُلمَس.
ملأت الموسيقى القاعة، فمحَت فورًا الهمس ورنين الكؤوس والوشوشات. غدا المكان ساكنًا، ممتلئًا بأنفاسٍ محبوسة.
أسقط أحد الضيوف في الصفّ الأمامي كأسه؛ تحطّم الكريستال على الرخام، ودوّى الصوت في الصمت كالرعد المنفرد.
وقفت إليانور جامدةً، شاحبةً، يدها على عنقها، وعيناها معلّقتان بالمنصّة كأنها رأت شبحًا.
وعلى الجانب الآخر، قفز لورنس كارتر واقفًا حتى أسقط كرسيّه. كانت عيناه متّسعتين، كأن جرحًا قديمًا أُعيد فتحه. بدا اللحن كأنه يخترقه من
👇🔥 باقي القصة في الصفحة التالية رقم (2)

تعليقات