اختبأت تحت السرير ليلة زفافي… فسمعت مكالمة دمّرت حياتي للأبد!
مع شروق الشمس، كان محاميّ قد وثّق كل شيء: التحويل المالي، الرسالة الصوتية، ومحاولات الاتصال الفورية بعد تجميد الحساب. كل ذلك كان يدلّ بوضوح على نيّة مبيّتة.
وعندما حضر دانيال إلى باب غرفة الفندق التي حجزتُها بنفسي هذه المرة، كان يرتدي ملامح الزوج القَلِق المتقنة. قال: «إيما، ماذا يحدث؟»
لم أفتح الباب. اكتفيت بأن قلت عبر الباب:
«لقد تزوّجتَ المرأة الخطأ إن ظننتَ أنني سهلة السرقة.»
تشقّق قناعه في الحال.
ومن هنا بدأ الانهيار الحقيقي.
تبخّر سحر دانيال في اللحظة التي أدرك فيها أن سيناريوه لم ينجح. بدأ يذرع الممر ذهابًا وإيابًا، يطرق الباب بقوة أكبر، ويرفع صوته بالقدر الذي يوحي باليأس دون أن يستدعي أمن الفندق.
«إيما، أرجوكِ. لنتحدّث. كل هذا مجرّد سوء فهم.»
لكنني كنت قد سمعت الحقيقة من فمه هو. لم يبقَ ما يُساء فهمه.
وصل محاميّ بعد عشرين دقيقة، برفقة الأمن. شحب وجه دانيال فور رؤيته. طلب منه الأمن الابتعاد عن الباب، ولما رفض، أنذروه مرة أخرى بنبرة أكثر حزمًا. تراجع أخيرًا، لكن عينيه لم تفارقاني بينما دخل المحامي.
قال المحامي بصوتٍ مسموع، متعمّدًا أن يسمعه دانيال:
«السيدة هيل، ستكون أوراق بطلان الزواج جاهزة خلال ثمانيٍ وأربعين ساعة. البنك أكّد طلبكم. الأموال في أمان.»
شدّ دانيال فكه وقال: «بطلان زواج؟ إيما، نحن متزوجان.»
تقدّمت إلى المدخل وقلت:
«ليس لوقتٍ طويل.»
تحوّل يأسه إلى غضب بسرعة لافتة.
«لا يمكنكِ أن… إيما، كوني عاقلة. هذا شهر عسلنا.»
قلتُ بهدوءٍ متماسك، رغم العاصفة التي كانت تعصف داخلي:
«لا. هذه لم تكن ليلة شهر عسل… هذه كانت عمليتك الاحتيالية.»
في تلك اللحظة، حاول الاقتراب خطوة إضافية، كأن القرب الجسدي قد يمنحه فرصة أخيرة للسيطرة. لكن الأمن تدخّل فورًا، ووقف بيننا بحزم واضح.
قال أحدهم بصوت رسمي لا يقبل الجدل:
«سيدي، الرجاء الحفاظ على مسافة.»
تجمّد دانيال في مكانه. رأيت في عينيه مزيجًا من الغضب والارتباك، ذلك النوع من النظرات التي تصدر عن شخص اعتاد أن تسير الأمور وفق خطته، ثم يفاجَأ بانهيارها أمامه.
سلّمني المحامي ملفًا سميكًا، وقال بنبرة مطمئنة:
«كل ما تحتاجينه هنا. الوثائق، المراسلات، والإجراءات القانونية. وننصح بتقديم طلب أمر تقييدي هذا بعد الظهر مباشرة.»
أومأت برأسي ببطء. لم أكن بحاجة إلى كلمات إضافية. كل شيء أصبح واضحًا، حاسمًا، ونهائيًا.
في تلك اللحظات، بدأ دانيال يتخبّط. انتقل من الاعتراض إلى التبرير، ومن التبرير إلى الأعذار، ثم إلى الأكاذيب الأخيرة التي تُقال حين يدرك الإنسان أن الأرض انسحبت من تحته. تحدّث عن “سوء فهم”، عن “مبالغة”، عن “فرصة ثانية”. لكن صوته كان يفضحه؛ لم يعد يحمل أي إقناع، بل مجرّد خوفٍ عارٍ.
وعندما استوعب أخيرًا أن شيئًا من ذلك لن يجدي، تغيّر أسلوبه تمامًا.
اقترب قليلًا، وخفّض صوته، وهمس بنبرة تهديد باردة:
«ستندمين على هذا. لا أحد يهرب مني.»
نظرت إليه بثبات، بثقة لم أعرف أنني أملكها من قبل، وقلت بوضوح:
«أنا لا أهرب… أنا أنجو.»
ثم أغلقت الباب.
لم يكن إغلاق باب فندق فقط، بل كان إغلاق فصل كامل من حياتي، فصل كاد أن يبتلعني لولا تلك المصادفة التي كشفت الحقيقة في اللحظة الأخيرة.
اكتمل بطلان الزواج خلال أسابيع قليلة. الإجراءات كانت سريعة، حاسمة، وكأن القانون نفسه كان متعجّلًا لإنهاء تلك المهزلة. حاولت شريكته إرسال رسائل إليّ لاحقًا، تتّهمني فيها بأنني «دمّرت كل شيء»، وبأنني «سرقت حلمها». لم أقرأ الرسائل حتى النهاية. حظرتها قبل أن تُكمل جملتها الأولى. لم يكن في داخلي أي استعداد لسماع تبريرات من أشخاص بنوا حياتهم على الخداع.
أما دانيال، فقد اختفى من حياتي كما لو أنه لم يكن. اختفى تمامًا… تمامًا كما كان يخطّط أن يفعل بي.
لكن الفارق الوحيد؟
أنه هذه المرة رحل خالي الوفاض.
مرّت الأشهر، وعدتُ تدريجيًا إلى نفسي. عدت إلى عملي، إلى أصدقائي، إلى التفاصيل الصغيرة التي تمنح الحياة معناها: صباحات هادئة، قهوة بلا قلق، ونوم بلا خوف. لم أعد أراجع تلك الليلة كل يوم، لكنها
بقيت درسًا محفورًا في داخلي.
وعندما كنت أحكي قصتي للآخرين، كان السؤال يتكرّر دائمًا:
كيف استطعتِ أن تبقي متماسكة في تلك الليلة؟
كيف لم تنهاري؟
والحقيقة بسيطة، لكنها عميقة:
أحيانًا، الخيانة لا تكسرك…
أحيانًا، تأتي لتوقظك من وهمٍ كنتِ تعيشينه،
وتمنحك فرصة نادرة…
للنجاة قبل فوات الأوان.

تعليقات