لحظة واحدة أنقذت حياة حفيدي… لو تأخرت دقائق لكانت الكارثة!

لحظة واحدة أنقذت حياة حفيدي… لو تأخرت دقائق لكانت الكارثة!

في تلك اللحظة، اجتاحني ارتياح عميق، كمن أُزيحت صخرة عن صدره فجأة. لكن هذا الارتياح لم يدم طويلًا، إذ سرعان ما تبعه قلق جديد، أكثر هدوءًا لكنه أعمق أثرًا. بدأتُ أتساءل بصمت: هل كان ابني وزوجته قد لاحظا شيئًا من قبل؟ هل تجاهلا الإشارات ظنًا أنها بكاء عادي؟ أم أن الأمر تفاقم بسرعة لم تترك لهما فرصة للفهم؟
حين سُمح لي بالدخول مرة أخرى، كان المشهد مختلفًا. لم يعد البكاء يمزق المكان. كان الطفل أكثر هدوءًا، وقد بدا جسده الصغير أقل توترًا. عولج جلده بكريم طبي خاص، ووُضع عليه ضماد ناعم يحميه من الاحتكاك. حملته بين ذراعيّ بحذر شديد، كأنني أحمل شيئًا هشًا من زجاج. كان الارتياح واضحًا في أنفاسه الصغيرة، أما أنا فكنت أرتجف ارتجافًا خفيفًا لم يفارقني، مزيجًا من الخوف الذي لم يهدأ تمامًا والامتنان لأننا جئنا في الوقت المناسب.

بعد لحظات، اندفع ابني وزوجته إلى الغرفة. كانا شاحبين، أنفاسهما متسارعة، وعيونهما تبحث في وجهي قبل أن تبحث عن طفلهما. شرحتُ لهما كل ما جرى منذ لحظة خروجهما من البيت، حاولت أن أكون هادئة ومتزنة، رغم أن قلبي كان لا يزال يخفق بعنف. غمرهما شعور واضح بالذنب، وبدت زوجة ابني على وشك الانهيار، لكن الطبيب سارع إلى طمأنتهما قائلًا إن مثل هذه التفاعلات التحسسية قد تكون غير متوقعة، حتى لدى أكثر الأهل حرصًا واهتمامًا.
اعتقدنا جميعًا أن الأمر انتهى عند هذا الحد، وأن أسوأ ما في تلك الليلة قد مضى. لكن بعد دقائق، عاد الطبيب بنظرة مختلفة. لم تكن مذعورة، لكنها كانت أكثر جدية.
قال بهدوء:
«هناك أمر آخر نحتاج إلى مناقشته».
في تلك اللحظة، شعرتُ وكأن الأرض انسحبت من تحت قدمي. هبط قلبي إلى قاع صدري، واستعدّ جسدي لسماع ما لا يُحتمل.

قادنا إلى غرفة استشارة صغيرة، وأغلق الباب خلفنا. شرح أنه أثناء الفحص الشامل، لاحظوا وجود فتقٍ إربيٍّ في بدايته. أوضح أن هذا الأمر شائع نسبيًا لدى حديثي الولادة، لكنه قد يكون مؤلمًا، وقد يتحول إلى خطر حقيقي إذا لم يُلاحظ في الوقت المناسب. لحسن الحظ، لم يكن الفتق مختنقًا، ولا يستدعي تدخلًا جراحيًا فوريًا، لكنه يحتاج إلى متابعة دقيقة وفحوص منتظمة.
امتلأت عينا زوجة ابني بالدموع، وبدا ابني وكأن حملاً ثقيلاً قد سقط فوق كتفيه فجأة. كان الشعور بالعجز واضحًا على ملامحه. عاد طبيب الأطفال ليطمئنهما مرة أخرى، وقال بجملة ستظل عالقة في ذاكرتي طويلًا:
«لا أحد مخطئ هنا. المهم أن الجد تصرّف بسرعة، وبفضل هذا التصرف نكتشف كل شيء في الوقت المناسب».

عندها فقط خفّ التوتر قليلًا، كأن الهواء عاد يتدفق إلى الغرفة بعد اختناق طويل.
حين سُمح لنا برؤية الطفل مجددًا، كان نائمًا بسلامٍ عميق، كأن كل ما حدث لم يكن يعنيه. احتضنته أمه بحنان، وانهارت بالبكاء، لا من الخوف هذه المرة، بل من شدة الارتياح. وضع ابني يده على كتفي وضغطها برفق، وقال بصوت مكسور:
«أبي… شكرًا لك. لا نعرف ماذا كنّا سنفعل من دونك».
لم أستطع إلا أن أبتسم. في تلك اللحظة، أدركتُ أن الأجداد، مهما شعروا أحيانًا بأن دورهم يتراجع مع كبر أبنائهم، يبقون جزءًا أساسيًا من شبكة الأمان، حاضرِين حين تدعو الحاجة، حتى لو ظنّوا أن زمنهم قد مضى.
غادرنا المستشفى قرابة منتصف الليل. كانت مدريد تلمع تحت أضواء الشوارع الصفراء، والهواء الليلي البارد يلامس وجوهنا كأنه يغسل ما تبقى من الخوف. تحدثنا في الطريق عن تغييرات بسيطة لكن ضرورية: صابون ألطف، حفاضات أنسب، مواعيد متابعة دقيقة، وحرصٍ مضاعف على أدق التفاصيل.

ما بدأ بعد ظهرٍ مرعب، مليئًا بالذعر والارتباك، انتهى درسًا لنا جميعًا.
درسًا في اليقظة، وفي الإصغاء إلى الحدس، وفي إدراك الهشاشة المعقّدة للعناية بحياةٍ صغيرة لا تملك سوى بكائها لتخبرنا أن هناك خطبًا ما.
وبينما كان الطفل نائمًا في ذراعي أمه، غير مدركٍ لكل الفوضى التي أحدثها في قلوبنا تلك الليلة، أدركتُ حقيقة بسيطة وعميقة في آنٍ واحد:
هو لن يتذكر هذه الليلة أبدًا…
لكنها غيّرتنا جميعًا إلى الأبد.