أعطى طفلةً كل ما يملك… فعادت بعد سنوات وغيّرت حياته للأبد

أعطى طفلةً كل ما يملك… فعادت بعد سنوات وغيّرت حياته للأبد

كانت شمس الصباح قد بدأت تدفئ الأزقّة الضيّقة في أشفورد غلين، حين أدركت إيفلين هاربر الصغيرة أن رسوم مدرستها قد اختفت.
كانت قد وضعت المال بعناية في حقيبة ظهرها، لكنها في عجلتها للوصول إلى الأكاديمية قبل إغلاق البوابة نسيت إغلاق السحّاب بإحكام.
اغرورقت عيناها بالدموع وهي تعود أدراجها، وقلبها يخفق خوفًا ويأسًا. مرّ الناس من حولها، بعضهم ألقى نظرة عابرة بدافع الفضول، لكن أحدًا لم يتوقّف ليساعد.
في زاوية هادئة قرب ورشة صغيرة مرصوفة بالحجارة، كان رجل يُدعى جدعون بيرس يُلمّع أحذيةً جلدية، تفوح من المكان رائحة الشمع والجلود المدبوغة. وقعت عيناه على وجه إيفلين المبلّل بالدموع، فحرّك ذلك شيئًا في داخله. نهض ببطء ومسح يديه بمئزرٍ مهترئ، وقال بلطف: «يا ابنتي، لماذا تبكين؟».

نشجت إيفلين وحاولت أن تتمالك نفسها. قالت: «سيدي، ضاعت رسوم مدرستي. بحثت في كل مكان ولم أجدها. زوج أمّي… أعطاني المال اليوم لدفع الرسوم، وإن لم أفعل فسيعاقبني، وربما يطرد أمّي وأنا من البيت». ارتعش صوتها، وانقبض قلب جدعون.
لم يكن يملك الكثير. كانت ورشته الصغيرة بالكاد تدرّ ما يكفي للبقاء، وكثيرًا ما كان يمرّ يومه دون وجبةٍ حقيقية. ومع ذلك، حين نظر إلى إيفلين، نهض في داخله عزمٌ تجاهل متاعبه. سألها برفق: «كم تحتاجين؟».
أجابت: «أربعة آلاف».
دون كلمةٍ أخرى، مدّ جدعون يده إلى جيبه وأخرج رزمة النقود التي ادّخرها طوال الشهر، وقدّمها لها. قال بابتسامة خافتة صادقة: «خذيها يا ابنتي، واذهبي لدفع الرسوم». حدّقت إيفلين بدهشة: «هل أنت متأكّد، سيدي؟».

قال: «نعم يا إيفلين. اجتهدي في دراستك، ولا تتّبعي رفقة السوء. يومًا ما سترتفعين».
مسكت إيفلين المال ومسحت دموعها: «لن أنساك أبدًا. أعدك أن أجعلك فخورًا».
وضع جدعون يده على رأسها، تمتم بدعاءٍ خافت، ثم عاد إلى عمله المتواضع.
في المدرسة، دفعت إيفلين الرسوم، وهي تمسك بالإيصال كأنه طوق نجاة. وفي البيت، كانت أمّها كلاريس قلقة كعادتها. وحين اعترفت إيفلين بأنها أضاعت المال، اشتدّ القلق على وجه كلاريس. همست: «زوج أمّك… سيغضب غضبًا شديدًا». لكن إيفلين قصّت عليها ما صنعه جدعون. أطرقت كلاريس متأثّرة بقصة صانع الأحذية الفقير الذي أعطاها آخر ما يملك، وقالت بهدوء: «علينا أن نجده».
وفي الوقت نفسه، حلّت بجدعون مصيبة. ففي ذلك الصباح نفسه، جاء عمّال من البلدية وأعلنوا أن الورشة قائمة على أرضٍ حكومية ويجب هدمها فورًا. حاول جمع أدواته ومواده، لكنهم هدموا الكشك ونثروا الأحذية والمعدّات في الشارع الترابي.

منهكًا ومكسور القلب، حمل جدعون مطرقته الصغيرة إلى البيت، ليجد مالكة العقار—امرأة صارمة قليلة الصبر—قد طردته هو وحفيده مايلز. كان الليل باردًا، والأرض قاسية، لكن جدعون ضمّ مايلز إليه وهمس بكلمات أملٍ وإيمان. ومع الصباح، ركبا حافلة إلى بلدة إيستبريدج القريبة، حيث يعيش صديقٌ قديم لجدعون يُدعى صامويل فانس. وبما تبقّى لديهما من مال اشتريا التذكرتين، وبعد ساعةٍ من سفرٍ متوتّر وصلا. استقبلهما صامويل بكرم، ووفّر لهما بيتًا مفروشًا ومبلغًا صغيرًا لإعادة بدء الورشة.
سالَت دموع جدعون وهو يدرك أن حياتهما قد انتقلت في ليلةٍ واحدة من اليأس إلى الرجاء.
👇🔥 باقي القصة في الصفحة التالية (رقم 2)… حين تعود الأقدار لتجمع من أعطى دون انتظار، بمن لم ينسَ الجميل.