طفلة مليونير لم تأكل منذ 3 أسابيع… وما فعلته مدبّرة المنزل صدم الجميع
مرّت الأيام. وفي إحدى بعد الظهر، ارتفعت الأصوات في غرفة الأطفال. كانت الدكتورة صوفيا تُصرّ على إدخال إيزابيلا المستشفى. وكان لوكاس يتوسّل للمزيد من الوقت. ارتطم شيءٌ بالحائط. خرج لوكاس غاضبًا، مكسورًا.
كان ينبغي على مارينا أن تبتعد. لكنها لم تفعل.
بدأت إيزابيلا تصرخ بلا توقّف. هرعت الممرّضات، لكن دون جدوى. من دون تفكير، حملت مارينا الطفلة وبدأت تُدندن تهويدة قديمة.
وفورًا… هدأت إيزابيلا. وغفت على كتف مارينا.
تجمّد الجميع في أماكنهم.
عاد لوكاس في تلك اللحظة، فرأى ابنته هادئة بين ذراعي امرأة غريبة.
في صباح اليوم التالي، طلب لوكاس من الدكتورة صوفيا أن تسمح لمارينا بقضاء وقتٍ مراقَب مع إيزابيلا. تردّدت الطبيبة، ثم وافقت.
خشيت مارينا أن تُفصل من عملها. لكن لوكاس طلب منها البقاء قرب ابنته، والغناء لها، وتهدئتها. كان الأمر مؤلمًا… لكنها وافقت.
لم تبدأ إيزابيلا بالأكل فورًا، لكنها توقّفت عن البكاء المستمر. أصبحت هادئة، متنبّهة. كانت تراقب مارينا في كل حركة.
وفي أحد الصباحات، حمّصت مارينا قطعة خبز لنفسها. راقبتها إيزابيلا باهتمام… ثم مدّت يدها.
قدّمت لها مارينا قطعة صغيرة.
أكلتها إيزابيلا.
ثم أخرى.
دخل لوكاس المطبخ في تلك اللحظة، وسقط على ركبتيه باكيًا. كانت ابنته تأكل.
لاحقًا، عرف لوكاس حقيقة ماضي مارينا كاملة. عرف عن ابنتها بيانكا، عن الفقد المفاجئ، وعن ذلك الفراغ الذي لم يملأه شيء. وحين واجهها بالحقيقة، انهارت مارينا، لا دفاعًا عن نفسها، بل خوفًا. خوفًا من أن يظنّ، ولو لوهلة، أنها تحاول أن تحلّ محلّ ريناتا، أو أن تستغل ضعف الطفلة لتحتل مكانًا لا يخصّها.
جلست أمامه ورأسها منخفض، ويداها ترتجفان، وقالت بصوتٍ متقطّع إنها لم تفعل سوى ما فعله قلبها دون وعي، كما لو كانت تحتضن طفلتها الراحلة من جديد.
عندها قال لها لوكاس، بهدوء لم تعرفه من قبل:
«لم تُبدّلي أحدًا. لا أحد يستطيع أن يحلّ محلّ ريناتا. لكنكِ أنقذتِ ابنتي… وأعدتِ إليها الحياة».
لم تكن الكلمات عظيمة بقدر ما كانت صادقة، لكنها كانت كافية لتخفّف عن مارينا ثقل الذنب الذي حملته بصمت.
لم يكن الجميع متفهّمًا. اعترض بعض الأقارب، واعتبروا التعلّق بين مارينا وإيزابيلا مقلقًا وغير صحّي، وحذّروا لوكاس من العواقب. استمع إليهم بهدوء، فكّر، ثم قرّر أن ينصت لشيءٍ آخر… لابنته.
وعندما طُلب من مارينا الابتعاد لبضعة أيام «للاختبار»، لم تحتج إيزابيلا إلى وقتٍ طويل لتنهار من جديد. عاد البكاء، وعاد الامتناع عن الطعام، وعادت تلك النظرة الفارغة التي عرفها لوكاس جيدًا. عندها أدرك أن المسألة لم تكن تعلّقًا مَرَضيًا، بل أمانًا حقيقيًا.
وقبل شروق الشمس في اليوم التالي، قاد لوكاس سيارته بنفسه إلى شقّة مارينا الصغيرة. وقف عند بابها طويلًا، وحين فتحته، لم يجد الكلمات المناسبة. اكتفى بأن قال: «ابنتي تحتاجك… وأنا أيضًا».
عادت مارينا معه. وما إن رأت إيزابيلا وجهها حتى تغيّر كل شيء. ابتسمت الطفلة ابتسامةً صافية، ونطقت، بوضوحٍ أدهشه الجميع، أول كلمة لها منذ أشهر طويلة:
«مارينا».
لم تكن مجرد كلمة، بل إعلانًا صغيرًا عن عودة الحياة.
منذ ذلك اليوم، أصبحت مارينا الراعية الأساسية لإيزابيلا، لا بقرارٍ رسمي فقط، بل بثقةٍ يومية تُبنى مع كل صباح. نقل لوكاس مارينا ووالدتها إلى منزلٍ أقرب، وحرص على أن تشعر هيلينا بالأمان بعد سنوات القلق والمرض. لم يكن أحدٌ يستعجل شيئًا. كان الحبّ ينمو ببطء… وباحترام.
مرّ عامٌ ونصف، وامتلأ البيت بالضحكات من جديد. لم تعد الجدران صامتة، ولم تعد الغرف تذكّر بالفقد وحده. في إحدى أمسيات الربيع، وبينما كانت إيزابيلا تلعب في الحديقة، تقدّم لوكاس لخطبة مارينا. لم تكن هناك خطابات طويلة، فقط نظرة صادقة، ويدٌ ممدودة، ودموع امتنان.
وأصرّت إيزابيلا، بكل حزم طفولي، أن تقول «نعم» قبل الجميع.
وفعلت مارينا.
تزوّجا بهدوء، بعيدًا عن الأضواء. سارت إيزابيلا في الممرّ يوم الزفاف، تمسك بيد مارينا بثقة. وفي باقة الزهور، خبّأت مارينا صورتين صغيرتين: واحدة لريناتا، وأخرى لبيانكا، كأنهما حاضرتان دون أن تُزاحا.
وبعد سنوات، استقبلت العائلة طفلًا جديدًا، أسموه ماتيوس. لم يكن قدومه نسيانًا للألم القديم، بل امتدادًا للحياة التي اختارت أن تستمر.
لم يختفِ الألم تمامًا.
لكنه لم يعد يحكمهم.
ثلاث أرواحٍ مكسورة، التقت في لحظة ضعف،
وتعلّمت معًا أن الفقد لا يُمحى…
لكن الحبّ قادر على أن يمنحه معنى.
وهكذا، لم يعودوا مجرد ناجين من الحزن،
بل صاروا… عائلة.

تعليقات