عاد ليُفاجئ والديه… فوجدهم مشرّدين تحت المطر بسبب أقرب الناس إليه
كان المطر لا يزال يهطل بغزارة، بينما كان والداي متلاصقين تحت مظلّةٍ ضيّقة، واسم دانيال معلّقًا بيننا كحدّ سكين. تلك الليلة—التي غيّرت كلّ شيء—انتهت هناك.
كان المطر يضرب الإسفلت بقسوة، لكنّه لم يكن شيئًا يُذكر مقارنةً بالصمت الذي خيّم بعد أن تكلّم أبي أخيرًا. قال بصوتٍ خافت:
«أجبرنا على توقيع بعض الأوراق… قال إنّك وافقت عليها».
لم أجب. تسلّل الماء البارد إلى ياقة معطفي، لكنّه بدا بعيدًا أمام الحرارة التي كانت تتصاعد في صدري. نظرتُ إلى أمّي، فكانت يداها المرتجفتان لا تزالان تقبضان على صورة تخرّجي—الشيء الوحيد الذي تمكّنا من إنقاذه.
قلتُ بحزم:
«اصعدا إلى السيارة. الآن».
كان صوتي غريبًا عنّي، هادئًا على نحوٍ مخيف، مشبعًا بغضبٍ متماسك أخافني أنا نفسي.
مرّت الرحلة إلى فندقٍ قريب في صمتٍ ثقيل، لا يقطعه سوى صوت ماسحات الزجاج وهي تشقّ العاصفة. الأسئلة يمكن أن تنتظر. المهمّ كان الدفء، والأمان، وسقفٌ يقيهما.
حجزتُ أكبر جناح. طلبتُ طعامًا ساخنًا. راقبتُ أمّي وهي تنظر إلى السرير كما لو كان شيئًا لا تستحقّه.
وبينما كانا يلفّان نفسيهما برداءات الفندق، وأكواب الشوكولاتة الساخنة تتصاعد منها الأبخرة بين أيديهما، بدأ أبي يروي الحقيقة أخيرًا. خرجت القصة على شكل مقاطع، مثقلة بالخجل.
كان دانيال دائمًا «الابن المسؤول».
بينما كنتُ أغرق كلّي في بناء شركتي، كان هو يتولّى «شؤون العائلة». يزور والديّ. يسلّمهم المخصّص الشهري الذي أرسله.
بدأ كلّ شيء بعد ثلاثة أشهر من نقلي ملكية البيت إلى والديّ.
قال لهما دانيال يومها، والقلق مرسوم على وجهه:
«فيكتور يواجه مشكلة ضريبية. يحتاج أن يكون البيت مؤقّتًا باسم شخصٍ موثوق حتى لا تتمّ مصادرته. مجرّد إجراءات. وقّعا هذه الوكالة لأدير الأمر. فيكتور وافق—لكنّه مشغول جدًّا ليشرح».
ذُعر والداي. من أجلي.
ظنّا أنّهما يحمِيان ابنهما. وقّعا من دون قراءة، واثقَين بالأخ الذي أمامهما، وبالابن الذي اعتقدا أنّه يدعم الأمر.
لكنّ الوثيقة لم تكن إدارية.
كانت عقد بيعٍ مزوّرًا.
بموجبها، عيّن دانيال نفسه ممثّلًا وحيدًا مع حقوق ملكية كاملة. وبعد شهر، «باع» البيت لمشترٍ وهميّ مقابل مبلغٍ زهيد.
وذهب المال كلّه إليه.
كان خطؤه أنّه باع لمستثمرين شرسين. كانوا يريدون الأرض خالية، لا مسنّين يقطنونها.
بدأت المضايقات. انقطاعات كهرباء. زيارات في وقتٍ متأخّر من الليل. رجال يطرقون الباب، يطالبون بـ«نقاشات» حول الإخلاء.
وكان دانيال يظهر بين حينٍ وآخر بدور المنقذ.
«أستطيع أن أجد لكما شقّة صغيرة»، قال. «لكن عليكما المغادرة بسرعة. هؤلاء الناس خطرون».
عرض عليهما أماكن كئيبة وباهظة في مناطق بعيدة. فرفضا، مذعورَين.
ثم جاء إشعار الإخلاء—موقّعًا من المحكمة ونهائيًا.
وبما أنّهما كانا يعتقدان أنّني أعلم كلّ شيء، ومقتنعَين بأنّني اخترتُ البيع، وقد أُخبرا مرارًا بأنّني غاضبٌ منهما، لم يتّصلا بي.
الخجل أسكتهما.
حزما ما ظنّا أنّه ملكهما، وغادرا. سلّمهما دانيال خمسمئة دولار.
وقال: «سأرتّب شيئًا قريبًا».
كان ذلك قبل شهرين.
⟵ يتبع باقي القصة في الصفحة التالية (رقم 2)… حيث تنكشف الحقيقة، ويبدأ التحوّل الذي لم يكن أحد يتوقّعه.

تعليقات