ذهبت لتوقيع الطلاق… فصُدم عندما رآها: كانت في شهرها السابع!
كان أليخاندرو آنذاك في الثانية والثلاثين، مهندسًا معماريًا في شركة كبيرة بمدينة مكسيكو، يملك مسارًا مهنيًا واعدًا وشقة في حي ديل بايي اشتراها بجهدٍ وقروضٍ وليالٍ بلا نوم.
أما فيكتوريا فكانت في الثامنة والعشرين، تعمل في مجال الاتصال بمؤسسة ثقافية، وتمشي وكأنها لا تحتاج لإثبات شيء لأحد.
لم تكن جميلة بالصخب، بل من ذلك الجمال الذي يظل في الذاكرة لأنه ينظر إليك بهدوء.
جلسا معًا بسبب خطأ في ترتيب الطاولات. بطاقة تبدلت. صدفة خرقاء.
وتحدثا.
لساعات.
اكتشفا تشابهات بدت كأنها مزحة: الكتب نفسها التي وضعا تحتها خطوطًا، الأفلام القديمة ذاتها، الحلم نفسه بالسفر إلى اليابان، الحب ذاته للقهوة المُرة وللموسيقى التي تُسمع خافتة حين يتأخر الليل.
عندما انتهى الحفل، وكانت رائحة الجهنمية والميزكال تملأ الفجر، عرف أليخاندرو — بيقينٍ أخافه — أنه وجد شيئًا لم يكن يعلم أنه يفتقده.
كانت فترة التعارف نارًا جميلة: رحلات إلى فايي دي برافو، عشاءات مرتجلة، ضحكات علقت بجلدهما.
تزوجا بعد عامين في مزرعة قرب كويرنافاكا، تحت سماء أكتوبر. ارتدت فيكتوريا فستان دانتيل كان لجدتها.
بكى أليخاندرو عندما رآها تتقدم نحوه، وفوجئ بأنه لم يشعر بالحرج.
كانت السنوات الأولى كما تخيلاها تمامًا.
اشتريا شقة أكبر في روما، زيناها معًا، تشاجرا حول الوسائد وضحكا على عبثية الشجار بسبب لوحة.
سافرا إلى اليابان في الربيع، وحققا حلمهما المشترك. عادا بصورٍ وحنينٍ جديد وخطط للمستقبل.
تحدثا عن الأطفال «يومًا ما». عن بيت بحديقة. عن حياة تفوح منها رائحة يوم الأحد.
لكن في السنة الثالثة بدأ شيء ما يختل.
لم يكن انهيارًا مفاجئًا.
بل تراكمًا: صمتٌ حيث كان الحوار، ليالٍ يعود فيها أليخاندرو متأخرًا، فتكون فيكتوريا قد نامت
والمصباح مطفأ.
عطلات نهاية أسبوع «عليه فيها إغلاق مشروع»، و«عليها فيها زيارة أختها»، ودون أن يشعروا، توقفوا عن مشاركة الأشياء.
كان موضوع الأطفال هو الشرخ.
كانت فيكتوريا تريد أن تصبح أمًا. دائمًا أرادت ذلك. وكانت تشعر بالوقت يمر، بينما يؤجله أليخاندرو بهدوء من يعتقد أن الحياة ستنتظره.
لم يقل «لا».
كان يقول فقط: «لاحقًا».
بعد المشروع.
بعد الترقية.
بعد الاستقرار المالي.
بعد أن «نكون مستعدين».
بدأت فيكتوريا تشعر أنها تجدّف وحدها.
ازدادت الخلافات، واشتدت، وامتلأت بأوجاع قديمة.
ثم جاءت تلك الليلة في مارس التي دمّرت كل شيء.
حضّرت فيكتوريا عشاءً خاصًا. شموع. باييّا بوصفة جدتها. مفرشًا أنيقًا. كان لديها ما تخبره به. شيء سيغير كل شيء.
لكن أليخاندرو تأخر.
ساعتين كاملتين.
برائحة الويسكي، وربطة عنق مفكوكة، وعينين مرهقتين، وملامح تقول «لا تبدأي» قبل أن تنطق.
نسي العشاء.
ونسي… إياها.
وعندما واجهته، رد كما يفعل من يعرف أنه أخطأ: دافع عن غروره.
قال: «لست موظفكِ يا فيكتوريا».
فأجابت بصوت مرتجف: «وأنا لست ظلك».
انفجر النقاش.
قالت له إنها تشعر بأنها آخر ما يفكر فيه، وأنها تعيش مع شريك سكن لا مع زوج، وأنها تعبت من انتظار حياة لا يبدو أنه يريدها.
وقال هو إنه سئم الضغط، وسئم الشعور الدائم بأنه غير كافٍ، وسئم اتباع سيناريو لم يكتبه.
وفي لحظة ما، صمتت فيكتوريا.
نظرت إلى الرجل الذي تزوجته. رأت التعب، والانكماش، والباب الخفي الذي كان يضعه دائمًا بينهما.
واتخذت قرارًا.
لم تخبره بما اكتشفته صباح ذلك اليوم.
لم تخبره بأن الطبيب، بسبب نوبات الدوار، أكد أنها حامل في أسبوعها الرابع.
لم تقل شيئًا.
لأنها في تلك اللحظة شعرت بشيء يحترق في داخلها: لم يكن يستحق أن يعرف بهذه الطريقة. ليس وهو ينظر إليها كعبء.
في تلك الليلة، حزمت حقيبة، وذهبت مع أختها كارمن إلى كيريتارو.
اتصل بها أليخاندرو في الأيام الأولى، نعم… لكن دون يأس. دون أن يأتي ليبحث عنها. دون أن يقاتل لأجلها.
كأن كبرياءه كان أقوى من حبه.
وفي ذهنه، كانت ستعود «عندما تهدأ».
تحولت الأسابيع إلى أشهر.
ثم جاء خطاب من المحامين لبدء إجراءات الطلاق.
أخفت فيكتوريا حملها في البداية. حتى كارمن لم تعرف فورًا. كانت تحتاج وقتًا لتستوعب، لتقرر، لتقف على قدميها.
كان الحمل صعبًا: غثيان، إرهاق، مشاعر تفيض.
كانت هناك أيام تكرهه فيها من أعماقها.
وأيام تشتاق إليه حتى يؤلمها صدرها، كأن شيئًا انتُزع منها.
عندما علمت كارمن، ثارت:
«كيف لا تخبرينه؟ هذا تحمّله مسؤولية!»
شدّت فيكتوريا على أسنانها وقالت:
«هو طلب مساحة… فليستمتع بها.»
عملت في وكالة اتصالات في كيريتارو. لم يكن أحد يعرف قصتها، وفضّلت ذلك. استأجرت شقة صغيرة تطل على ساحة تملؤها أشجار الجاكرندا.
دهنت غرفة الطفل بالأخضر الفاتح. ركّبت السرير وحدها، تتبع الشروحات وتلعن أحيانًا، لكنها كانت مصممة.
في الليل، كانت تحدث طفلها.
تعده بحبٍ مضاعف.
تشغّل له البوليرو والجاز.
تغني له أغنيات قديمة.
وتخبره أن حياته لن تعتمد على رجل لم يستطع البقاء.
لكن أحيانًا، في ليالي الأرق، كانت تلمس عنقها.
كانت خاتم زواجها معلقًا هناك بسلسلة. لم تستطع التخلص منه.
عندما حان موعد توقيع أوراق الطلاق، شعرت بوخزة لم تتوقعها. جزء منها — ما زال ساذجًا، ما زال إنسانيًا — كان يأمل أن يقاتل أليخاندرو.
لكن الخطاب كان باردًا. عمليًا. بلا كلمة شخصية واحدة.
فقررت الذهاب.
وجهًا لوجه. للمرة الأخيرة. للإغلاق.
وفي طريقها، لم تكن تعرف إن كانت ستخبره بالطفل… حتى نظرت في عينيه.
⬅️ باقي القصة في الصفحة التالية رقم (3)

تعليقات