طفل المليونير كان يصرخ من الألم بلا سبب… حتى اكتشفت الممرضة شيئًا “مستحيلًا” في رأسه!
بعد دقائق دخلت امرأةٌ في منتصف الثلاثينات.
شعرها أسود مضفور، بشرتها قمحية فاتحة، ملامحها بسيطة لكنها قوية.
كانت ترتدي ملابس نظيفة بلا مبالغة، وفي عينيها شيءٌ لا يُشترى: ثبات.
قالت بهدوء:
“مساء الخير… أنا فالنتينا ريّس، ممرضة أطفال.”
قهقهت صوفيا بضحكة قصيرة:
“ريّس؟ ومن أين أنتِ؟”
أجابت فالنتينا دون تردد:
“من حيّ شعبي… لكنه علّمني أمرًا مهمًا: أن أميّز بكاء الطفل الحقيقي… من أول نبرة.”
تبدلت ملامح سيباستيان قليلًا.
كان يبحث عن أملٍ بأي شكل.
قال:
“هل تستطيعين رؤيته الآن؟”
احتجت صوفيا:
“إنه وقت متأخر!”
ردت فالنتينا بنبرةٍ هادئة لكنها حاسمة:
“الألم لا يعرف الساعة، سيدتي… ومن صوت الطفل، يبدو أنه لم يرتح منذ أيام.”
أشار سيباستيان إلى إميليانو:
“اصطحبها إليه.”
صعدوا الدرج الطويل في صمتٍ ثقيل.
وكلما اقتربوا… كان الصوت يزداد.
صوت طفلٍ صغير يطلب النجدة دون أن يعرف كيف يشرح.
عندما فتحوا باب غرفة ماتيو، اتسعت عينا فالنتينا.
الغرفة كانت كبيرة جدًا، أشبه بشقة: ألعاب باهظة، سرير على شكل سيارة سباق، رسومات أبطال على الجدران…
وفي وسط كل ذلك، كان ماتيو منكمشًا على سجادة ناعمة، عيناه محمرتان من كثرة البكاء، ويداه تشدان شعره وكأنه يحاول إخراج شيءٍ من رأسه.
همست فالنتينا بحنانٍ تلقائي:
“يا روحي…”
جثت قربه ببطءٍ شديد حتى لا يفزع.
وقالت له بصوتٍ يشبه غطاءً دافئًا:
“أنا فالنتينا… هل تسمح لي أن ألمس رأسك قليلًا؟ سأكون لطيفة… أعدك.”
رفع ماتيو عينيه إليها.
كانتا عينين خضراوين جميلتين، لكنهما مرهقتان.
وبشكلٍ مفاجئ… أومأ.
حبس سيباستيان أنفاسه.
كان يرى عشرات الأطباء يمسكون ماتيو ويفحصونه… لكن الطفل لم يثق بأحد مثلما وثق بهذه المرأة في أول دقيقة.
بدأت فالنتينا تمرر أصابعها برفق على فروة رأسه، سنتيمترًا سنتيمترًا.
كانت تفعل ذلك كما يفعل شخص يبحث عن شيءٍ صغيرٍ جدًا… لكنه مهمٌ جدًا.
وفجأة… توقفت.
لم يكن توقفًا عابرًا.
كان توقفًا يشبه لحظة اكتشافٍ تغيّر مسار حياة.
قالت بصوتٍ منخفض لكنه مشدود:
“سيدي مونتالڤو… أحتاج ضوءًا قويًا… وشيئًا للتدقيق.”
اقترب سيباستيان خطوة:
“ماذا وجدتِ؟”
نظرت فالنتينا إلى الطفل ثم إلى الأب.
وقالت بحذر:
“لا أريد أن أستبق الأمور… لكن هناك شيء هنا… شيء لا يجب أن يكون موجودًا.”
أحضر إميليانو مصباحًا قويًا وأداة تدقيق صغيرة كانوا يستعملونها للوثائق.
سلطت فالنتينا الضوء خلف أذن ماتيو اليمنى، وحرّكت خصلات الشعر بعناية.
ثم تغيّر وجهها كليًا.
كان في عينيها ذهولٌ لا يمثل… ثم غضبٌ مكتوم.
تمتمت:
“يا إلهي…”
صرخ سيباستيان بقلق:
“قولي! ماذا هناك؟!”
قالت فالنتينا بصوتٍ ثابت رغم رجفته:
“هناك أجسام صغيرة جدًا… دقيقة… عالقة قرب سطح الجلد، مخفية تحت الشعر… وتبدو أنها سبب
الألم.”
سادت لحظة صمتٍ تام.
حتى ماتيو خف بكاؤه لحظة، كأنه يشعر أن الحل اقترب.
قالت صوفيا بسرعة:
“هذا مستحيل! الأطباء فحصوه!”
أجابت فالنتينا دون أن ترفع عينها عن المكان:
“بعض الفحوصات تركز على ما في الداخل… أما الأشياء الصغيرة المخفية قرب السطح فقد تمرّ دون انتباه… خصوصًا إن كانت مدروسة الإخفاء.”
ابتلع سيباستيان ريقه.
كان قلبه يطرق صدره بعنف.
وأضافت فالنتينا بوضوحٍ مرعب:
“سيدي… هذا لا يحدث صدفة. لا يمكن أن يظهر وحده. هناك من تسبب به.”
تراجع سيباستيان خطوة، كأن الغرفة ضاقت فجأة.
“من؟! مستحيل… نحن في بيتنا… لا أحد…”
قاطعته فالنتينا بهدوء:
“أفهم صدمتك. لكن الآن أهم شيء هو الطفل. إن سمحت… يمكنني إزالة ما يسبب الألم، لكن أحتاج أدوات نظيفة وإضاءة جيدة… والأهم:
أريد أن يبقى الأمر بيننا الآن، حتى نفهم الصورة.”
تدخل إميليانو بصوتٍ خافت:
“سيدي… هذا أمر خطير… ربما يجب إبلاغ الجهات المختصة فورًا.”
رفع سيباستيان يده بتوتر:
“ليس الآن… ليس قبل أن أفهم كيف حدث هذا ومن كان قريبًا منه.”
لم تكن قراراته دائمًا صائبة، لكنه كان خائفًا: على ابنه، وعلى سمعته، وعلى انهيار كل شيء…
والخوف قد يجعل الإنسان يمسك الحقيقة بيدٍ مرتجفة.
أحضر إميليانو الأدوات المطلوبة.
وجلست فالنتينا قرب ماتيو، تمسك يده الصغيرة وتقول له:
“اسمعني يا بطل… قد يزعجك الأمر قليلًا، لكن بعدها سترتاح.”
سألها ماتيو بصوتٍ مكسور:
“هل سيؤلمني مثل… المرة التي صار فيها؟”
تجمدت الكلمات في الهواء.
نظر سيباستيان إلى ابنه كأن الأرض انشقت تحت قدميه.
“المرة التي صار فيها؟”
يعني… أن الطفل يلمح أنه يتذكر شيئًا.
ابتسمت فالنتينا بحزنٍ حنون:
“لا يا حبيبي… سيكون أخف كثيرًا… وأنا معك.”
بدأت تزيل تلك الأجسام الدقيقة واحدًا تلو الآخر بحذرٍ شديد.
وكانت تضعها في وعاء صغير لتوثيقها.
ومع كل مرة… كان ماتيو يرتجف ثم يهدأ قليلًا.
سيباستيان كان يقف كتمثال… لكن داخله كان عاصفة.
هذا ليس مرضًا غامضًا… هذا فعلٌ متعمد.
هذا يعني أن ألمه لم يكن “مزاجًا”… بل حقيقة.
بعد وقتٍ ليس قصيرًا، تنفست فالنتينا بارتياح وقالت:
“انتهينا يا بطل.”
رمش ماتيو بعينيه كأنه لا يصدق.
ثم قال بدهشة صافية:
“لم يعد يؤلمني…”
وتحوّلت الدهشة إلى ابتسامة صغيرة… كانت أغلى من كل ثروة في الغرفة.
ارتمى سيباستيان يحتضنه بقوة.
وتشقق صوته:
“الحمد لله…”
⬅️ باقي القصة في الصفحة التالية رقم (3)…
حيث ستنكشف الحقيقة كاملة، وتتغير حياة الجميع.

تعليقات