أجبرني على الاستحمام تحت الماء المتجمّد وأنا حامل… لكنه لم يكن يعلم من يكون والدي

أجبرني على الاستحمام تحت الماء المتجمّد وأنا حامل… لكنه لم يكن يعلم من يكون والدي

كان ردّ فعل خافيير مألوفًا: إنكار، وتقمّص دور الضحية، وتهديدات مبطّنة. ثم حلّ الذعر. جُمّدت حساباته. فُقد وصوله إلى سيارة الشركة. وتلقّى مديره إخطارًا قضائيًا. انهار قصر الرمال من دون ضربة واحدة. وأنا، للمرّة الأولى منذ سنوات، نمتُ بلا خوف.
بعد أيام، أدليتُ بإفادتي. لم يكن الأمر سهلًا، لكنني لم أكن وحدي. جلس والدي خلفي من دون أن ينظر إليّ، حتى لا يؤثّر في شهادتي. تحدّثتُ بوضوح، من دون تزيين. استمع القاضي. وأدركتُ أمرًا جوهريًا: مال والدي لم يشترِ الأحكام؛ بل اشترى الوقت، ومحامين أكفّاء، وحماية. أمّا الباقي فصنعته الحقيقة.

جاءت المحاكمة بعد أشهر، وكانت ابنتي كلارا قد وُلدت. حملتها بين ذراعيّ يوم سمعتُ الحكم. أُدين خافيير بالعنف المتكرّر والاحتيال. لم تكن العقوبة استعراضية، لكنها كانت حاسمة: سجن، وتعويض، وعلاج إلزامي، وأمر إبعادٍ نهائي. بالنسبة إليّ، كان ذلك كافيًا. لم أكن أسعى لإذلاله؛ كنتُ أريد إغلاق باب.
انتقلتُ إلى المدينة. بدأتُ من جديد: علاج، وعمل، وليالٍ بلا فزع. لم يستخدم والدي اسمه للتفاخر. ساعدني على الدراسة، وعلى إيجاد مسكنٍ آمن، وعلى بناء الاستقلال. قال لي: «العقاب الحقيقي هو ألّا تحتاجيه».

يسألني بعضهم أحيانًا إن كنتُ أندم على صمتي السابق، إن كنتُ ألوم نفسي لأنّني لم أتكلّم في وقتٍ أبكر. والحقيقة أنّ الإجابة ليست بسيطة ولا واحدة. فالخوف ليس شعورًا عابرًا يمكن تجاوزه بقرارٍ سريع، بل هو متاهة معقّدة تُربك التفكير وتُقيّد الإرادة وتُقنع الإنسان بأنّ الصمت أهون الشرّين. كنتُ أظنّ أنّ السكوت يحميني، وأنّ الاحتمال أقلّ ألمًا من المواجهة، لكنّ ما تعلّمته متأخّرة هو أنّ العنف لا يتوقّف بالصبر، بل يتغذّى عليه. ينمو في الظلّ، ويقوى كلّما طال الصمت، حتى يصبح واقعًا يوميًّا يُنكر الضحية نفسها حقّها في الأمان. وتعلّمت أيضًا أنّ طلب المساعدة لا يعني الضعف ولا الفشل، بل هو فعل وعيٍ وشجاعة، وخطوة ذكيّة نحو استعادة السيطرة على الحياة والكرامة.

إن كنتِ تقرئين هذه الكلمات وتجدين بين سطورها شيئًا من قصّتك، أو تشعرين أنّ بعض الجُمل تُشبه ما تعيشينه، فلا تنتظري أن تصلي إلى القاع. لا تنتظري اللحظة التي يصبح فيها الأذى أكبر من الاحتمال. تكلّمي، ولو بصوتٍ مرتجف. اكتبي، ولو على ورقةٍ خاصّة. وثّقي ما يحدث، لأنّ الحقيقة حين تُدوَّن لا تعود مجرّد إحساسٍ داخلي. واطلبي دعمًا مهنيًا من مختصّين يفهمون ما تمرّين به، ويعرفون كيف يقدّمون المساندة من دون حكم أو إدانة. وإن كنتِ تعرفين شخصًا يمرّ بتجربة مشابهة، فلا تُشيحي بوجهك ولا تقولي إنّ الأمر «شأن عائلي». أحيانًا تكون رسالة واحدة، أو مكالمة في وقتٍ حاسم، أو جملة صادقة تقول: «أنا أراك وأصدّقك»، كافية لتغيير مسار حياة كاملة.

هذه قصة حقيقية، بلا تزيين ولا معجزات، لأنّ الواقع في حدّ ذاته مؤلم بما يكفي ولا يحتاج إلى مبالغة. هي قصة امرأة واحدة، لكنّها تشبه قصص كثيرات لا تُروى. فإن شعرتِ أنّ مشاركتها قد تمنح شخصًا آخر شجاعة البدء، فلا تتردّدي في نشرها. وإن كان لديكِ رأي، أو تجربة، أو كلمة دعم، فاكتبيها في التعليقات، فقد تكون كلماتك سببًا في إنقاذ إنسانٍ لا تعرفينه. وإن رغبتِ في متابعة مزيدٍ من القصص الحقيقية التي تكسر دائرة الصمت وتُعيد للضحايا أصواتهم، فتابعيني وكوني جزءًا من هذا المسار. لأنّنا حين نتكلّم، وحين نمدّ أيدينا لبعضنا البعض، لا نعود وحدنا… بل نصبح أقوى.