طفل أبيض لعائلة جيناتها سمراء

أثارت بعض حالات الولادة حول العالم دهشة الأسر والعلماء على حدٍ سواء، خاصة عندما يولد طفل بملامح أو لون جلد يختلف تمامًا عن الصفات السائدة في أسرته. من أكثر هذه الحالات غرابة أن يولد طفل أبيض البشرة من أبوين يمتلكان بشرة سمراء داكنة دون وجود أي شخص أبيض في العائلة القريبة. وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة تخلق صدمة أولية وتدفع البعض للشك أو التساؤل، إلا أن العلم قدم تفسيرًا دقيقًا لها بعيدًا عن التخمينات الاجتماعية أو التفسيرات غير المنطقية.
اللون الخارجي للبشرة يتأثر بشكل مباشر بنسبة صبغة الميلانين الموجودة فيها، وهي المادة المسؤولة عن تحديد درجة السواد أو البياض في الجلد والشعر وحتى العينين. وتتحكم في إنتاج الميلانين مجموعة من الجينات الموروثة من كلا الأبوين. هذه الجينات لا تعمل بطريقة بسيطة أو مباشرة، بل تتفاعل بشكل معقد جدًا فيما بينها، وقد تحمل الطفرات أو التراكيب النادرة من الأجيال السابقة تأثيرًا مفاجئًا في نتائج الجيل الجديد.
ما لا يعرفه كثيرون أن كل شخص منا يحمل جينات لا تظهر عليه لكنها قد تظهر على أبنائه، ويُطلق على هذه الظاهرة اسم “الوراثة المتنحية”. بمعنى أن الأب والأم يمكن أن يحملوا جينات للون الأبيض دون أن تظهر عليهم فعليًا، فإذا اجتمعت هذه الجينات في الطفل، فإنها تُفعل الصفات الكامنة وتظهر بوضوح. هذا لا يعني أن الطفل ليس ابنًا بيولوجيًا لهما، بل يعكس فقط مدى تعقيد الخريطة الجينية البشرية.
وقد سجلت هذه الظاهرة في العديد من دول العالم، وليس لها علاقة بالتلاقح بين الأعراق فقط، بل يمكن أن تحدث داخل سلالة واحدة إذا كانت تحمل صفات متنحية صامتة. وفي كثير من الأحيان، يكون أحد الأجداد أو الأجيال السابقة قد حمل هذه الصفة دون أن تُلاحظ لعدة أجيال. عندئذ، يمكن أن تظهر فجأة في أحد الأحفاد، فيبدو الأمر للناس وكأنه غريب أو غير مفسر.
تابع في الصفحة الثانية لاكتشاف التفسير الجيني الدقيق لهذه الظاهرة، وهل يعتبر الأمر شائعًا أم نادر الحدوث…
تعليقات