قصة كان المشهد على الطريق السريع صادمًا

قصة كان المشهد على الطريق السريع صادمًا

كنت أقف بقربه عاجزًا عن تصديق ما تراه عيناي بينما الشمس تصنع وهجًا يجعل كل شيء من حولنا يبدو كأنه يذوب ببطء. كان والدي يحدّق إليّ بملامح رجل خرج من معركة خاسرة ولم يعد يمتلك القوة لرفع سلاحه مرة أخرى. لم يكن مجرد لقاء بعد غياب بل كان انفجارًا لكل الأسئلة التي هربت منها ثلاث سنوات كاملة. شعرت أن قلبي يضرب في صدري بلا انتظام وكأن جسدي يحاول الهروب من حقيقة بدأ يفهمها أخيرًا.

وضعت يدي على كتف والدي بحذر وأنا أراقب الارتعاشة الخفيفة التي تسكن ذراعه كأنها تحكي قصصًا لم تُروَ بعد. لم أجرؤ على سؤاله فورًا فقد شعرت أن أي كلمة قد تكسر ذلك الخيط الهش بيننا فيضيع مهما حاولت الإمساك به. لكن صمته كان يمزقني أكثر من أي جواب يمكن أن يقوله لي مهما كان مؤلمًا. وعندما رفع رأسه نحوي لم يكن في عينيه سوى اعتذار ثقيل يشبه الحجارة التي تسقط في بئر بلا قاع.

فتح فمه ببطء وقال إن السنوات الثلاث الماضية لم تكن غيابًا عابرًا بل كانت سقوطًا طويلًا لم تستطع العائلة النجاة منه. أخبرني أن أمي تغيّرت تمامًا بعد رحيلي وكأن شيئًا في داخلها انطفأ ولم يعد يشتعل مرة أخرى. وأن إخوتي ضاعوا في طرق مختلفة كل واحد منهم غرق بطريقته الخاصة. كنت أسمع الكلمات وكأنها تأتي من مكان بعيد جدًا ومع ذلك كانت تخترق صدري بلا رحمة.

أمسكت يده وقلت له سأعود معكم جميعًا وسنصلح ما تهدّم مهما كان الثمن لكن صوته المكسور أوقفني قبل أن أتابع. قال لي إن الزمن لم ينتظر أحدًا وإن الخسائر أصبحت أكبر مما كنت تتخيل بكثير. ثم تنهد بعمق جعلني أرتجف وشعرت بأن شيئًا ثقيلًا جدًا على وشك أن يُكشف. وعرفت أنه يخفي حقيقة أكبر من مجرد غياب أو خلاف أو مسافة.

تابعوا… ففي الصفحة الثانية الحقيقة ستبدأ بالظهور، وحجم ما حدث داخل البيت سيكون أبشع مما توقعت….