قصة لقد بدأ الأمر كقضية اختفاء غامضة لا تفسير لها

قصة لقد بدأ الأمر كقضية اختفاء غامضة لا تفسير لها

كانت المدينة كلها تتحدث عن الطبيب البيطري الشهير، ذلك الرجل الذي كان يعرف الجميع بابتسامته الهادئة ودفئه مع الحيوانات أكثر من البشر. اختفاؤه فجأة بعد جولة تفتيش روتينية لم يكن مجرد خبر عابر، بل تحوّل إلى لغز يلتهم الراحة من قلوب عائلته. الشرطة بحثت طويلًا، وحقّقت بلا توقف، لكن الأيام تحولت إلى شهور، ثم إلى ثلاث سنوات كاملة من الانتظار المؤلم. كانت زوجته تنهار في كل مؤتمر صحفي، فيما أطفاله يكبرون وهم لا يعرفون إن كان أبوهم سيعود أم لا. ولم يكن أحد يتخيّل أن الحقيقة كانت أقرب إليهم مما ظنّوا طوال الوقت.

في المسالخ الكبيرة خارج أطراف المدينة، بقيت بعض المباني مهجورة منذ عقود، ومقفلة بسلاسل صدئة لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها. لكن شكوى وصلتها الشرطة بخصوص رائحة غريبة قادمة من أحد المخازن دفعتهم أخيرًا لفتح التحقيق في تلك المنطقة المظلمة. لم يكن أحد يتوقع أن الباب المعدني الضخم يخفي خلفه أكثر المشاهد رعبًا التي شهدتها المدينة منذ سنوات. الضوء المتقطع كشف عن صف طويل من الأجساد المعلقة رأسًا على عقب، بطريقة تشبه ماشية مذبوحة، تتأرجح ببطء بفعل الهواء البارد. سبعة أجساد، بينها وجه الطبيب المفقود، الذي لم يتعرف عليه الضباط إلا من خلال العلامة الصغيرة على ساعده.

الصدمة الأولى تحولت إلى ذهول أكبر عندما لاحظ المحققون ترتيب الجثث بدقة غير عشوائية، وكأن أحدهم تعمّد إرسال رسالة قاسية. لم تكن هناك فوضى، بل نظام كامل يشبه طقوسًا مريضة لا يفهمها العقل. الأدلة الأولية أشارت إلى أن ما حدث لم يكن فعل قاتل مجنون، بل عمل مدروس بعناية مرعبة. كل أداة في المكان كانت موضوعة في موقع محدد، وكل جثة عُلّقت بطريقة متماثلة، وكأن منفّذ الجريمة محترف يعرف تمامًا ماذا يفعل. وهو ما دفع الشرطة للاعتقاد بأن الجريمة مرتبطة بشبكة تعمل في الخفاء منذ سنوات طويلة دون أن يلاحظها أحد.

بدأت العائلة تتلقى الأخبار من مصدر رسمي لأول مرة منذ اختفاء الأب، لكن الصدمة لم تكن في العثور عليه فقط، بل في حجم الوحشية التي تعرض لها. ابنه الأكبر وقف صامتًا كالصخر، بينما حاولت زوجته حمل صورته بيد مرتجفة غير قادرة على استيعاب ما سمعت. ومع ذلك، كان المحققون يدركون أن كشف الجثث هو الخطوة الأولى فقط، وأن ما ينتظرهم خلف هذا الاكتشاف أكثر تعقيدًا بكثير. فقد ظهرت مؤشرات غريبة في مسرح الجريمة: آثار مال ضخم يُدار في الخفاء، أجهزة اتصال مهربة، وأسماء مشفّرة على جدار أسمنتي… أسماء لم يكن أحد يعرف معناها بعد.

تابع في الصفحة الثانية، فالاكتشاف الأخطر لم يظهر بعد….