قصة من نص ساعة بس كنت راجعة من على أول البلد
كانت الساعة تقترب من منتصف الليل عندما وجدت التوك توك الوحيد في أول البلد، وشعرت بامتنان حقيقي لأن الحظ وقف معي في تلك اللحظة. جلست بالخلف وأنا أراقب الطريق بقلق خفيف، فالتأخر بهذا الوقت لم يكن أمرًا مألوفًا بالنسبة لي، وكانت العودة للبيت تعني نهاية يوم طويل من التعب والتفكير. حاولت التركيز على الامتحانات التي تنتظرني وعلى السنة التي اضطررت لإعادتها رغمًا عني، لكن التوتر كان يسحبني كل دقيقة. لم أنتبه للوقت إلا عندما وجدت نفسي أنظر حولي لشارع مظلم لا يشبه الطريق المعتاد.
اقترب السائق من طريق ترابي تحيط به الأراضي الزراعية من كل جانب، رطبة ورائحتها ثقيلة، كأن الليل نفسه يبتلع الضوء من حولنا. ترددت للحظة قبل أن أسأله عن سبب تغييره للطريق، لكنه أجاب بسرعة وبنبرة غير مريحة أن الطريق الرئيسي مليء بالحفر وأنه يعرف اختصارًا أقرب. أحسست بانقباض داخلي غريب، فصوته لم يكن مطمئنًا والنظرة في عينيه كانت تثير الشك أكثر مما تبرر تغيّر الطريق. حاولت دفن خوف بدا وكأنه يتسلل ببطء إلى صدري، لكن شيئًا داخلي كان يصرخ أن هناك خطبًا ما.
تمسكت بحافة المقعد وأنا أراقب الظلام الكثيف يمتد حولنا كستارة سوداء، فقد كان الطريق خاليًا من أي ضوء أو حركة. جمع السائق ملامحه بطريقة جعلتني أشعر بأنني محاصرة داخل شيء أكبر مني، وكأن الأرض الزراعية الطويلة حولي تحولت فجأة إلى جدران لا مفر منها. طلبت منه أن ينزلني فورًا، محاوِلة إخفاء الارتجاف في صوتي، لكنه تجاهل كلامي وزاد من سرعته بشكل مفاجئ. شعرت بأن الهواء يُسحب من صدري، وارتفعت ضربات قلبي حتى كادت تخنقني.
في لحظة خاطفة توقف التوك توك وسط العتمة، قبل أن أرى رجلًا آخر يقترب من الجهة المظلمة بين الأشجار. حاولت الصراخ لكن صوتي اختنق في مكانه، وكأن الليل نفسه وضع يدًا ثقيلة فوق فمي. كل شيء بعدها كان متداخلًا، ضياع، خوف، وانهيار كامل للجسد والعقل. وعندما عاد وعيي أخيرًا وجدت ملابسي ممزقة والبرد يلسع جلدي، بينما هما يبتعدان بالتوك توك تاركين خلفهما كابوسًا حيًا لن أستطيع نسيانه.
وفي الصفحة القادمة… تبدأ الصدمة الكبرى التي تلقتها العائلة عندما وصل الفيديو…. تنكشف حقيقة الانتقام الذي كان وراء الجريمة…

تعليقات