قصة عندما كانت توقّع أوراق الطلاق

قصة عندما كانت توقّع أوراق الطلاق

تجمّد الزمن داخل القاعة بعدما انهارت راديكا أمام الحقيقة التي لم تتوقعها يومًا، وبقي القاضي ينظر إليها كأنه يرى سقوط جبل من الغرور أمام عينيه. كانت تحاول رفع رأسها، لكن ثقل الإدانة كان يسحبها إلى الأرض بلا رحمة، وكأن كل كلمة قالتها في سنوات الزواج ترتد إليها الآن كالعقاب. أما أرڤِند فوقف بصمت يشبه الوقوف على أطلال معركة ربحها دون أن يرفع سيفًا واحدًا. شعر أن هذا السكون هو أول نفس حقيقي يتنفسه منذ زمن طويل.

في تلك اللحظة تقدّم المحقق وقرأ بصوت هادئ رسائلها التي تخطط فيها للاستيلاء على شركته بعد الطلاق، وكانت الكلمات تقطع الهواء كطعنات لا يمكن إنكارها. ارتجفت كتفاها، وبدا وكأنها تعيش للمرة الأولى تجربة أن تكون مكشوفة بلا أقنعة. كانت تنظر حولها تبحث عن شخص واحد فقط يدافع عنها أو يقف معها، لكن كل العيون كانت إما متجهمة أو مصدومة أو شامتة. حتى صديقاتها اللواتي كنّ يرافقنها دومًا انكمشن في مقاعدهن دون أن ينطقن بكلمة.

حاولت أن تتشبث بأي شيء، أي ذرة كرامة أو حيلة، لكن صوت القاضي أنهى كل محاولاتها قائلاً إن الخيانة المثبتة قانونيًا تسقط أي حقوق لها، بل وتفتح باب التحقيق في قضية الابتزاز. شعرت بأن الهواء يضيق، وأن العالم يغلق عليها من كل الجهات، وكأنها دخلت قفصًا لا تملك المفتاح للخروج منه. تمتمت بكلمات غير مفهومة، تارة تشتم، وتارة تستعطف، لكن لا أحد التفت إليها، فقد انتهى زمن قوتها.

وبينما كان الحراس يقتربون منها، أغمض أرڤِند عينيه للحظة واحدة، لدرجة أنه شعر أن قلبه يهدأ بعد عاصفة طويلة. لم يكن سعيدًا بما يحدث لها، لكنه لم يندم لحظة على كشف الحقيقة. لقد عاش كثيرًا وهو يُهان، واليوم فقط شعر أنه استعاد شيئًا من كرامته المسلوبة. اتجه نحو الباب بخطوات ثابتة، كأنه يغادر زنزانة بُنيت على سنوات من الخداع.

الصفحة الثانية بعد قليل… هل كانت راديكا فعلاً وحدها في هذا السقوط؟
وهل تركها أرڤِند خلفه إلى الأبد… أم كان ينتظره ما هو أخطر خارج القاعة؟