طرد المربّية لأنها سمحت لأطفاله باللعب في الوحل… ثم اكتشف الحقيقة التي كسرت قلبه

طرد المربّية لأنها سمحت لأطفاله باللعب في الوحل… ثم اكتشف الحقيقة التي كسرت قلبه

حين انفتح الباب الآلي، عكس الإطار الداكن لسيارة البنتلي لون السماء، وأخيرًا زفر جوليان هوثورن زفرةً طويلة. كان قد أتمّ صفقةً كبرى لتوّه، غير أنّ النجاح بدا أجوفًا.
الصمت داخل السيارة كان مرآةً للسكون الذي ينتظره داخل القصر. أوقف السيارة، وبحركةٍ آلية تفقد بريده الإلكتروني—درعٌ قديم اعتاد الاحتماء به. ثم سمع الضحك.
لم يكن ضحكًا مهذّبًا أو مكبوتًا، بل ضحكًا كاملًا، عاريًا من القيود، نابضًا بالحياة. رفع رأسه، فتبدّل كلّ شيء.
ثلاثة أطفال، مغمورون بالوحل، يهلّلون وهم يقفزون في بركةٍ واسعة، يرشّون الماء على عشبٍ كان مثاليًا قبل لحظات.
وبالقرب منهم، جاثيةً إلى جوارهم، كانت المربّية—بزيّها الكحليّ ومئزرها الأبيض—تبتسم كما لو أنّها تشهد أمرًا مقدّسًا.

«يا إلهي…» تمتم، متجمّدًا في مقعده. تسارع نبضه، وجَرَّ إلى السطح ذكرى قديمة.
«آل هوثورن لا يتّسخون»،
كان صوت أمّه يتردّد في ذهنه، حادًّا لا يلين.
ترجّل جوليان من السيارة. باغتته رائحة التراب المبتلّ أوّلًا، ثم لمعان الفرح في عيون الأطفال. كان التوأمان، ليو ومايلز، في الرابعة، يصفّقان مع كلّ رشّةٍ تتناثر.
أمّا أختهما الكبرى آفا، فكانت تضحك بحرّية، شعرها ملتصق بجبينها، وغمازتاها غائرتان. رفعت المربّية—كلارا بينيت، التي عُيّنت حديثًا—يديها مشجّعة، وضاعت كلماتها مع النسيم.
تقدّم جوليان أكثر. أقماع تدريبٍ وإطاراتٌ مكدّسة قطعت صفاء الحديقة. ومع كلّ خطوة كان يُحصي خسائر: السجاد، أرضيات الحجر، الصورة، السيطرة. غير أنّ شيئًا في بهجة الأطفال شقّ صلابته.

«كلارا»، ناداها بحدّةٍ لم يقصدها.
خفّ الضحك، لكنّه لم ينقطع.
استدارت كلارا بهدوء، ركبتيها موحلتان، وزيّها مبتلّ. قابلت نظرته بثقةٍ صامتة. توقّف جوليان عند حافة البركة.
بين حذائه المصقول والماء العكر حدٌّ عاش معه عمره كلّه. وعلى الجانب الآخر وقف أطفاله—وهي.
اعتدل، وقال بصوتٍ حازم:
«ما الذي يحدث هنا تحديدًا؟»
سكنت الحديقة إلّا من تقاطر الماء. رفعت كلارا رأسها، والتقطت الشمس خصلاتٍ سائبة من شعرها. بدت غير خجِلة. واثقة.
قالت بلهجةٍ متّزنة: «السيد هوثورن، إنّهم يتعلّمون العمل معًا».
قطّب جبينه.
«يتعلّمون؟ هذا يبدو فوضى».

أشارت إلى الأطفال.
«انظر إليهم. لا دموع، لا صراخ. إذا انزلق أحدهم ساعده الآخر. هذا انضباط—لكنّه مغلّف بالفرح».
ظلّت الكلمات معلّقة. مسح جوليان المشهد بنظره: الأسوار المشذّبة، السيارة الفاخرة، والاضطراب في القلب—حيّ، غير مقيّد.
قال ببرود: «هذا إهمال».
ثبتت كلارا نظرها فيه.
«يمكنهم أن يتّسخوا. قلوبهم لا. لأنّ أحدًا لا يقول لهم إنّ الخطأ ممنوع».
نفذت الجملة أعمق ممّا توقّع. طفت ذكريات: ملابس مكويّة، لعبٌ ممنوع، خوفٌ من البقع. أغلق الباب على ذلك.
قال بنبرةٍ قاطعة: «أنتِ هنا لتتبعي القواعد، لا لتلقِي المحاضرات».
فأجابته بهدوء: «وأنت هنا لتكون أبًا، لا مجرّد مُعيل».
توقّف الزمن. راقبه الأطفال بأمل. لم تتراجع كلارا. ولم يجد جوليان ردًّا.
سقطت قطرة وحلٍ على حذائه. حدّق فيها، ثم في أطفاله. تحرّك شيءٌ صغير نابض في صدره. لم تكن كلارا خائفة—وشجاعتها أقلقته.

انسحب إلى الداخل. تبعه الضحك، يتردّد كشيءٍ لم يُسمح له يومًا بالاحتفاظ به.
في الداخل، ضاعفت الأرضيات الرخامية وقع خطواته. اصطفت صور العائلة على الجدران—كاملة، بعيدة، غير ملموسة. توقّف عند صورةٍ له في الثامنة: وقفة جامدة، بدلة صغيرة، بلا ابتسامة. المعيار نفسه الذي يفرضه الآن على أطفاله.
لاحقًا، اقتربت كلارا بهدوء.
«السيد هوثورن، هل لي أن أقول شيئًا؟»
لم يرفع رأسه.
«الانضباط بلا حبّ يصنع الخوف. والخوف يصنع المسافة. والمسافة تهدم العائلات».
وضع اللوح الإلكتروني جانبًا.
«لم أستأجركِ لتحلّليني».
قالت بلطف: «أعلم. لكنّ الرعاية تكشف أحيانًا ما ينقص».
كانت كلماتها أوجع من الغضب.
وأضافت بصوتٍ خفيض: «لا نتعلّم الحبّ ونحن نظلّ نظيفين دائمًا»، ثم غادرت.
⬅️ باقي القصة في الصفحة التالية (رقم 2)
ما الذي سيحدث بعد هذا القرار؟ ولماذا سيغيّر المطر كل شيء في تلك الليلة؟